متابعة/ماروك24مديا
مع حلول شهر رمضان المبارك، تتكرر ظاهرة “القفة الرمضانية” كمدخل لمساعدة الفئات الهشة وتخفيف وطأة الغلاء على الأسر المغربية. غير أن هذه المبادرة الإنسانية، التي يفترض أن تحكمها قيم التضامن والتكافل، باتت في بعض الأوساط وسيلة خفية لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.
بين العمل الخيري والاستغلال الانتخابي
في مدينة فاس، حيث تتشابك خيوط السياسة بالمصالح الاجتماعية، أضحت بعض الأحزاب السياسية توظف القفة الرمضانية كأداة لاستقطاب منخرطين أو استمالة فئات مجتمعية تحت غطاء “العمل الخيري”. هذه الممارسات التي تحدث في الكواليس، رغم تحذيرات وزارة الداخلية الصارمة بمنع استغلال حاجيات المواطنين لأغراض حزبية، تكشف عن محاولات مستميتة لتحويل الحاجة إلى ورقة ضغط سياسية.
ورغم أن هذه الظاهرة تبقى “حالات شاذة”، إلا أن وقعها السلبي يتجاوز عددها، إذ تزرع بذور الشك في نوايا الفاعلين السياسيين وتُفسد على المجتمع ثقافة العطاء النبيل.
حاجة ملحّة أم كرامة مُهانة؟
المفارقة تكمن في أن العديد من الأسر التي تستفيد من هذه القفف تجد نفسها عالقة بين مطرقة الحاجة وسندان الإهانة. فبينما يمثل الدعم الغذائي بالنسبة للبعض فرصة لتجاوز أزمات مادية خانقة، يراه آخرون وسيلة لامتهان كرامة المواطن عبر توجيهه نحو الانتماء السياسي تحت تأثير الحاجة.
هذا الوضع يطرح تساؤلات أخلاقية حارقة:
متى يصبح العمل الخيري عملاً سياسياً؟
كيف يمكن حماية المواطن من الاستغلال في لحظات ضعفه؟
ما هي حدود العلاقة بين الفعل الإنساني والعمل السياسي؟
نحو تكريس ثقافة التضامن النزيه
الرهان اليوم هو على ترسيخ مفهوم التكافل بعيداً عن الحسابات السياسية. المجتمع المدني مطالب بلعب دور أكثر فاعلية في تنظيم حملات دعم شفافة تحترم كرامة المواطن. كما أن المؤسسات الرسمية مطالبة بمضاعفة الجهود لضمان عدم تحول هذه المساعدات إلى أوراق انتخابية تُلعب في الظل.
إن القفة الرمضانية يجب أن تظل رمزاً للعطاء الإنساني، لا وسيلة لتغذية الولاءات السياسية. وبين الحاجة والرفض، يبقى الوعي المجتمعي هو الحصن المنيع ضد كل من يحاول استغلال الفقر لتحقيق مكاسب انتخابية زائلة.
Soujaa.a