متابعة/ماروك24مديا
تشهد منطقة سيدي بوجيدة بفاس انتشارًا مقلقًا لما يُعرف بـ”المعامل السرية” المختصة في الخياطة وصناعة الأحذية، والتي تعمل في غياب تام للرقابة من الجهات المسؤولة. هذه المعامل، التي تُدار خلف أبواب مغلقة وبعيدًا عن الأنظار، لا تلتزم بأبسط شروط السلامة الضرورية، ما يجعلها قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، مهددة حياة العاملين فيها وساكنة الأحياء المجاورة.
وسط معاناة العديد من الصناع التقليديين وظروفهم الاجتماعية القاسية، يستغل مشغّلو هذه المعامل حاجتهم الملحّة للعمل، فيفرضون عليهم ساعات طويلة من العمل بأجور زهيدة، في بيئة لا تحترم معايير الصحة والسلامة المهنية.
لكن المخاطر لا تتوقف عند هذا الحد؛ فهذه المعامل تتورط أيضًا في ممارسات غير قانونية تزيد من تعقيد الأزمة. فإلى جانب انعدام شروط السلامة، يعتمد مشغّلو هذه الورش السرية على التهرب الضريبي والتهرب من تسجيل العمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، ما يحرم هؤلاء العاملين من أبسط حقوقهم، كالتغطية الصحية والتقاعد والتعويضات العائلية.
ويتفاقم الوضع مع غياب شبه تام لأدوار مفتشية الشغل، التي يُفترض أن تراقب ظروف العمل ومدى التزام المشغّلين بالقوانين المنظمة للقطاع. وفي ظل هذا الفراغ الرقابي، يتفشى الاستغلال المفرط للعمال الذين يجدون أنفسهم مجبرين على القبول بشروط عمل لا تراعي أدنى معايير الكرامة الإنسانية.
من جهة أخرى، تُشير مصادر محلية إلى أن بعض هذه المعامل تنخرط في أنشطة غير مشروعة تتعلق بتزوير ماركات عالمية معروفة، خصوصًا في مجال الخياطة وصناعة الأحذية، ما يُلحق ضررًا بالغًا بسمعة الصناعة المحلية ويفتح المجال لتسويق منتجات مغشوشة تُهدد المستهلكين. وهنا يبرز غياب دور الجمارك في التصدي لهذه الأنشطة التي تستغل الثغرات القانونية لتمرير سلع مقلدة إلى الأسواق.
عدد من السكان المتضررين كشفوا في رسائل موجهة إلى جريدة ماروك24ميديا عن تزايد هذه الأنشطة غير القانونية في أزقة المنطقة، مشيرين إلى أن بعض هذه المعامل تقع في قبو منازل ضيقة، تفتقر لوسائل التهوية ومخارج الطوارئ، ما يرفع خطر وقوع كوارث مأساوية.
المخاوف تتزايد مع استحضار حوادث مروّعة شهدتها مدن مغربية أخرى، حيث أودت حرائق في معامل سرية بحياة أبرياء، بسبب غياب إجراءات السلامة. الساكنة تخشى أن تتحول سيدي بوجيدة إلى مسرح لفاجعة مماثلة إذا استمرت هذه الأنشطة خارج القانون.
وفي ظل هذه الأوضاع، تطرح علامات استفهام كبرى حول غياب أعين السلطة المحلية وأعوانها، الذين يُفترض أن يكونوا على دراية بوجود هذه المعامل، ما يدفع للتساؤل: هل نحن بحاجة إلى وقوع كارثة حتى تتحرك الجهات المعنية؟
إن سكان سيدي بوجيدة يطالبون بتدخل عاجل من السلطات المحلية والجهات المعنية، لتفكيك هذه المعامل قبل أن تقع الفأس في الرأس. فالأرواح التي تُزهق نتيجة الإهمال والتهاون لا يمكن تعويضها، والمطلوب هو تفعيل الرقابة واتخاذ إجراءات حازمة تُعيد الأمور إلى نصابها.
إن تأمين حياة المواطنين، وحماية الصناع التقليديين من الاستغلال، والتصدي للأنشطة غير القانونية، مسؤولية جماعية لا يمكن التغاضي عنها. فاستمرار هذه المعامل السرية دون تدخل حازم قد يجعل من سيدي بوجيدة بؤرة مأساة جديدة في قلب مدينة فاس.
Soujaa.a
Maroc24Media