متابعة/ماروك24مديا
وجهة نظر
بقلم سيداتي بيدا
أخطر ما جاء في القانون المنع التام للإضراب بداوفع سياسية، مع تضمين عبارة فضفاضة هي “المس بالنظام العام”، ما يُتيح للسلطات تأويل أي إضراب على أنه مسٌّ بذلك النظام، وبالتالي منعه.
الإضراب احتجاجا على غلاء المعيشة أو انهيار القدرة الشرائية للمواطنين يدخلان في دائرة كل ما هو سياسي (غير مُرتبط بالحياة المهنية للمُضربين)، إذن فهو من الممنوعات. أما التوقف عن العمل دعما لموقف في قضية (الفلسـ.طينية مثلا) فأصبح من سابع المستحيلات. الإضراب ينحصر فقط في علاقتك مع مُستعبِدك المُباشر (ربُّ العمل!).
القانون تكلم عن العاملين في القطاعين العام والخاص والمهن الحرة والمنزلية، مُستبعدا فئات أخرى كالطلبة الذين كانت إضراباتهم تهز الدنيا وتُزعزع الأركان؛ ربط آخر لحق الإضراب في لقمة العيش، وليس المواقف.
الدعوة للإضراب ليست حقا للجميع كما تعارفت عليها كل نصوص وقوانين العالم، بل محصورة في النقابات أو في 35% من العمال أو الأجراء. في فرنسا، يحق لـ شخصين فما فوق المبادرة إلى الإضراب دعوة أو تنفيذا، ويمكن لشخص بمفرده داخل مؤسسة أو هيئة الانضمام إلى إضراب وطني.
في فرنسا، يمكن للمشغل في القطاع الخاص خصم راتب ساعات العمل المُتوقِّف، وفي القطاعات المدنية يمكن اقتطاع أجرة يوم عمل من العمال المُضربين. في المغرب، الإضراب يعني اقتطاعا تلقائيا من الأجرة حتى لو كان دافعه الرفع من تلك الأجرة.
في فرنسا، لا يُطلب من عمال القطاع الخاص إشعار صاحب العمل بالإضراب قبل القيام به، وبالتالي فالأُجراء ليسوا مُجبرين على تقديم ملف مطلبي بشكل قبلي. القانون يُعطي صاحب العمل / الإدارة الحق في سؤال الموظفين (والعمال) عمّا إذا كانوا ينوون القيام بالإضراب، لكنهم غير مُلزمين بالرَّد. حق “الغفلة” مكفول، وهل للإضراب حلاوة أو تأثير دون غفلة؟!
في المغرب، يجب على النّاوين للإضراب تقديم ملف مطلبي قبل 15 يوما بالنسبة للإضرابات داخل المؤسسة أو المقاولة الخاصة، قابلة للتمديد 15 أخرى. أما الإضرابات الوطنية في القطاعين العام أو الخاص أو المرافق العمومية فيجب تقديم ملف مطلبي قبل 45 يوما من التنفيذ، قابلة للتمديد 15 يوما إضافية. كما يجب إعلام رئيس الحكومة إن كان الإضراب وطنيا، والوالي أو العامل وباقي السلطات المحلية والمرتبطة بمجال عمل الذين ينوون الإضراب.
نجحت المفاوضات وبقيت نقاط خلافية وأراد العمال الإضراب احتجاجا عليها، يجب عليهم الإشعار (الإعلام) قبل 30 يوما بالنسبة للإضرابات الوطنية أو في مرفق عمومي، وقبل أسبوع بالنسبة لمؤسسة أو مقاولة خاصة.
إذا لم يتم حل الخلافات، من حق صاحب العمل/ الإدارة اللجوء لقاضي الأحكام المُستعجلة لوقف الإضراب بحجة تهديد المُضربين لسيرورة العمل أو للمرافق الحيوية. كما يمكن للسلطات تقديم نفس الطلب بحجة الأسطورة “المس بالنظام العام”. يبقى للنيابة العامة الحق في تحريك الدعوة العمومية وإنجاز الأبحاث اللازمة، كما لرئيس الحكومة كامل الصلاحية في منع أو توقيف إضراب بحجة وجود البلاد في أزمة حادة أو كارثة وطنية.
لنُصلي صلاتي الغائب والجـ.نازة على “حق ممارسة الإضراب” في أجمل بلد في العالم، ولنهيئ أنفسنا لمدونة شغل جديدة مُقبلة من حكومة أصحاب الشكارة، حيث لا صوت يعلوا فوق صوت “مول الشّي”. وحيث تعليمات صندوق النقد الدولي بـ”مزيد من المرونة” في عقود تشغيل العمال وتسريحهم، تعني انتقالنا لمصر فرعونية جديدة، بلا أهرامات ولكن بفراعين كُثر وعبيدٍ أكثر!
للقصة بقية…
* تعقيب: في قطاع النقل العام أو النقل الجوي (الخاص) وباقي القطاعات المدنية العامة يجب على المضربين إشعار الإدارة قبل 5 أيام حسب القانون الفرنسي. المدة تتقلص ليومين بالنسبة لقطاع التعليم.