في وقت شغلت التقنيات الحديثة الحيِّز الأكبر في جميع مجالات الحياة والفنون، يبدو أنها غرست جذورها أيضاً لتحل محل رأي المتلقي حول ما يشاهده من أعمال فنية، سواء أكانت مسلسلات أو أغاني وغيرها من المواد التي ساعدت في انتشارها بشكل ملحوظ كثرة مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، سواء بمصداقية أَو عبر تجارة المشاهدات التي أصبحت محبوبة الجماهير لدى العديد من المشاهير العرب وحتى العالميين.
موقع التواصل الإجتماعي – يوتيوب – الأشهر من بينهم جميعاً، أصبح في الشهور الأخيرة بمعية غوغل يتصدى بشكل كبير لهاته الظاهرة التي وضعت مصداقية مشاهداته على شفا حفرة من خسارتها، بحيث أعلنت الشركة منذ مدة غير قصيرة أنها غيّرت خطتها في مراقبة وإلغاء المشاهدات المزيفة لتصبح أكثر صرامة من ذي قبل، حتى وإن أثّر ذلك على محتوى الموقع، بحيث سوف يتم حذف القنوات التي تحمل أسماء مشاهير بطريقة غير قانونية، وستقف لمحاسبة الفنانين الذين يحاولون تضليل نسب المشاهدة الحقيقة والتغطية على فشلهم في الواقع، خصوصاً وأن الشباب من مرتادي الانترنيت أصبحوا على علم بجميع طرق شراء المشاهدات من بلدان أخرى بل وحتى يقومون برصدها كما حدث مؤخراً والفنان المصري محمد رمضان الذي قام بشراء مشاهدات ليزيد من نسبة التفاعل لحلقات مسلسله – نسر الصعيد – بحيث صَعّد نشطاء الفيسبوك الأمر لحدود مطالبته بالكشف عن حسابه للجمهور ليتأكدوا من نسب المشاهدة الحقيقة.
وفي المغرب، فإن تجارة المشاهدات تعرف رواجا معقولا في صفوف العديد من الفنانين الذين يحاولون فرض وجودهم قسراً في الساحة الفنية على الرغم من إنطفاء شمعتهم منذ وقت طويل، وعلى عكس الدول الأخرى التي يتحرك فيها نشطاء الفيسبوك وبقية المواقع لكشف الحقيقة، فإن الجمهور المغربي يحاول التغاضي دائما عن الحقائق حتى وإن نشرت من قبل – يوتيوب نفسه – كما هو الحال عندما قامت إدارة الموقع بتحديثها الجديد خلال شهر دجنبر 2018 لتعرض لائحة أكثر الأعمال الفنية إستماعا وشهرة في العالم العربي، لنجد العديد من الأغاني خارج سباق التصنيف على الرغم من تجاوزها سقف المئتي مليون مشاهدة وأكثر، لتوضح إدارة الموقع ببساطة أن الأغاني المدعمة بمشاهدات مزيفة لا تحتسب ولا يمكن إعتبارها ترقى لشروط الشعبية !
أما خلال الشهر الماضي، فقد إزدادت حدة المراقبة عن طريق حذف جميع المشاهدات المتاجر فيها، لنجد فيديوهات تتأرجح بين نسب مرتفعة ومنخفضة بشكل ملحوظ بين يوم وآخر، وفنانين امتنعوا عن اصدار جديدهم مخافة – الفضيحة – بسبب تضييق الخناق في سوق تجارة المشاهدات وارتفاع أسعارها بشكل لن يسمح لأغلبهم بأن يرتقى لنفس سقف النجاح.
وفي النهاية يبقى السؤال مطروحا حول مشروعية هاته التجارة وإنعكاسها على مصداقية الفن سواء داخل المغرب أو ببقية بلدان العالم، وهل تمنح للفنان إضافة إيجابية أم سلبية، خصوصاً وأن هالة النجاح التي تمنحها له محدودة وتتكسر بسهولة خلال أول حفل يقيمه عندما تختفي فجأة أعداد المعجبين المهولة التي يتعنى بها في صفحات التواصل الاجتماعي.
شيماء عبداللطيف