متابعة/ماروك24ميديا
رغم السحر البصري والبُعد الرمزي الذي حملته ليالي مهرجان “نوستالجيا فاس” داخل الفضاء التاريخي لباب الماكينة، إلا أن خلف الستار ظلّت رائحة “التخوف” تفوح، لا من الخشبة هذه المرة، بل من كواليس التنظيم والتدبير.
فالمهرجان، الذي أريد له أن يُعيد وصل المدينة بذاكرتها الإبداعية، قُدّم للجمهور كما لو كان عرضًا مغلقًا. فمنذ الإعلان عن العروض، اصطدم جمهور واسع من عشاق الفن وفضول السائحين المحليين والأجانب بجدار اسمه: “لا تذاكر متوفرة”. والسبب؟ وفق ما تسرب من كواليس التنظيم، تم تخصيص النسبة الساحقة من المقاعد لـ”الشركاء” و”المستشهرين”، فيما تُركت فئات عريضة من الفاسيين أمام الأبواب، حالمين بفرجة كان يمكن أن تكون ملكًا للجميع.
هل الثقة الغائبة.. خوف مزمن من الفشل؟
مَن قرّر بيع أغلب التذاكر مسبقًا لأطراف بعينها، فعل ذلك من باب “الاحتياط”، خوفًا من ألا يملأ الجمهور فضاء العرض، كأن فاس مدينة بلا عشّاق للمسرح والموسيقى. لكن النتيجة كانت معاكسة تمامًا: غضبٌ واسع، شكاوى متكرّرة، واتهامات غير معلنة بـ”احتكار الثقافة”.
ألم يكن من الأجدى أن تُمنح الفرجة أولًا لأبناء المدينة وزوّارها، بدل تحصين المقاعد في جيوب الداعمين؟ وهل سنظل أسرى ذهنية “إن لم تنجح سنخجل” بدل أن نراهن على ثقة الجمهور ووعيه؟
فاس، التي احتضنت قبل أسابيع مهرجان الموسيقى الروحية بنجاح عالمي، وأبهرت العالم بروحها المتسامحة، ليست بحاجة لمن يختبر جمهورها من جديد. فالمدينة، برصيدها التاريخي والثقافي، لا تنقصها لا الحاضنة ولا الذائقة، بل تنقصها ثقة صانعي القرار في جمهورها.
لقد أبدع الفنانون، وتألق الضوء، لكن ظلّ في الحلق غصّة: غصّة من مُنعوا من الدخول، ومن عاشوا “نوستالجيا” الخيبة، بدل “نوستالجيا” الأمل.
ثقوا بالجمهور الفاسي، لا يحتاج إلى بطاقات مجاملة ليصفّق. بل يحتاج فقط إلى باب مفتوح، ومكان وسط الناس، لا في قوائم الشركاء. فالثقافة ليست سلعة نخبوية، بل تجربة جماعية، والنجاح لا يُبنى بالخوف، بل بالإيمان.
✍️ سوجاع أحمد