google.com, pub-7874601387373417, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أخبار عاجلة
الرئيسية / الرأي / ماهية الوقت….

ماهية الوقت….

 

بقلم الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي

متابعة أوتغولت حسن..

إن الوقت هو ذلك الحيز الزمني المحدد في هذه الحياة ، و الذي يميز بين الليل و النهار و بين العشية و ضحاها ، و بين الايام و الشهور و السنوات ، إن هذا المخلوق اللامرئي هو الذي يتفنن في صياغة نظام الحياة و يعطيها ديناميكية حيوية ، و هو من ينظم وجودنا بانتظام دون تحيز و لا مجاملة و لا محاباة ، فهو لا يعرف نهاية و لا استراحة قصيرة و لا توقف ، إنما يمضي كالقطار على سكة الوجود ، و يحمل كل موجود ، حتى من حانت نهايته نزل دون مماطلة أو إطالة فترة و لو لهنيهة .
إن الوقت هو اثمن شئ في هذه الحياة حيث التفكير في أي أمر يستدعي الحكمة دون استعجال و لا اندفاع و حيث اتخاذْ القرارات تستوجب التأني دون التردد ، و التخطيط مع التأمُّل, و تجنب الضغوطات كي تتسم كل القراراتٍ بالبصيرة و التبصُّر، لإنَّ العجلة تُفسِدُ كل الأمور ، و في التاني السلامة و في العجلة الندامة.
إن الوقت هو ذلك الحكيم الذي يرشدنا في صياغة مشاعر الحبِّ بين الناس ، فيجعل الارواح تعمُر بالعشق و الحبِّ و الوله و هو من يعلمنا بميقات البوح و الإفصاح ؛ فلا حياة دون وقت و لا حُبٍّ دون التعبير عن المشاعر و العواطف في الوقت المناسب و الزمن المناسب ، إذ إن جلال الحبُّ و جماله في إدراك وقته و الإفصاح عنه في زمانه هو سرُّ الحياة ، فعندئذ تفوح كل عطورُ الحبِّ ، و تثورُ كل كوامن الخير و مكنوناته في كل العوالم ، فتنضبط بماهية الميقات و تتطلَّع لكلِّ جميل من فعل و قول في الزمن و الوقت المحدد كي تتجلى الحياةُ بهيجة ، و يتحلى البشر بالخيرية، و ينساب الحاضر مبتهجا، و يتقدم المستقبل مبتسمًا نحو الأفضل قدما!
إن الوقت هو ذلك النور المشرق في القلوب أثناء ذكر الله تعالى و تسبيحه و استغفاره ، قال تعالى ” و اذكر ربك إذا نسيت” و قال تعالى ” و قرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ” و قال تعالى” سبح بالعشي و الإبكار ” ، ففي الوقت تلازم بينه و بين راحة البال و الإطمئنان ، و فيه انشراح الصدور و سكينة النفوس و طمأنينة القلوب ، و مع الوقت تتفتح المواهب الداخلية و تتفتق القدرات الصحية للابدان ، و في الوقت تتماثل الأجساد للسلامة و الاستشفاء من العاهاتِ و الآفاتِ و الأمراض ، و في الوقت فسحة للاسترخاء من الأوجاع و التخلص من الآلام .
إن الوقت هو ذلك الصوت الذي يرشدنا و يوجه بوصلتنا و يضبط الساعة البيولوجية بداخلنا ، فيعطينا الخيارُ الأنسب و الأدق للاستمتاع و التمتع بجمال العطاء و التمسك بمتعة الفضاء قصد الاستجمام و الاستشفاء ، فلا نقع فريسةَ لضغوط تقلبات الحياة ، و نسعى لإراحة أجسادِنا و عقولنا من وعتاء الرحلة الكونية و الوجودية ، فنكون قادرين فعلا على السيطرة على الأحداث في الزمن المناسب ، و لا نفشل في إدارة الوقت و الحياة ، فالأيام دول و الوقت ماض دون توقف ” و تلك الأيام نداولها بين الناس ” .
إن الوقت هو ذلك الطفولة التي نتعلم و نتعامل فيها مع الكون بكل ما اوتينا من تلقائية و عفوية في الترفيه عن أنفسنا و ذواتنا ، و هو ذلك الشباب الذي تتجمع فيه حماستنا و تطورها مع التجارب كي يصبغ شخصيتنا بالتوازن و الانضباط فهو إكسير الحيوية و ترياق يشفي العليل من النفوس و يزين تلابيب الأيام بالتجارب و الخبرات , لأن اصل الحياة هو الاكتساب اثناء اللعب مع الأصدقاء و مع الأبناء و التحرر من قيود التزمت و طرد الضغوطات , فالمتعة لها مواعيد في أيامنا كي نجدد حياتنا و نتجدد و كي نرفع من منسوب طاقتنا و حيويتنا ، و كي نستثمر الفرص المتاحة في تأهيل قدراتنا و كفاءاتنا مع الاستمتاع بكل لحظة من اعمارنا .
إن الوقت هو ذلك الهدوء الروحي الذي ننجمع فيه مع انفسنا و ذواتنا اثناء القراءة و المطالعة ، و هو تلك المقطورة الإفتراضية التي نركبها و نحن نتنقل بين الصفحات و الكتب و نجتاز بها امواج الجهل العاتية و نقطع بها فيافي الجهالة الفانية ، فإن كان الجسد ينمو كل يوم بلا إدراك منا و لا وعي ، فإن الفكر و العقل لن ينضجا، و لن تتهذبا أو يتطورا مع الأيام دون أي تفاعل إراديٍّ منا, فالوقت هو ذلك المركب الذي نبحر فيه ساعات و أياما مع الكتب و نسافر فيه بأفكارنا و نتجاوز فيه كل قيود الزمان و المكان مع المعرفة و العلوم , فنرتقي بأسلوبِنا و آرائنا , و تزيد معارفِنا و تزدان عقولنا بالحكمة و الرحمة و المعرفة حيث لا نفوّت مشهدًا مُضحِكًا أو طرفة أو حكمة إلا أطلعنا عليها و استقينا من معانيها , فنضحكَ من أعماق مشاعرنا و نتأثر بملء إرادتنا ، و نعِيش اللَّحظة فالتصفح و المطالعة ؛ نضحكُ لأن الضحك علاج و نتفاعل مع الأحداث و المعارف بكل ابتسامة و قهقهة كي نعمل على التقليل من الضغوط و نحدُّ من التوتر و الاحزان ، فالوقت هو تلك الحالة الجنونية اثناء الضحك الذي يقوّي جهاز المناعة و وسائل الدّفاع الطبيعية الموجودة في أجسامنا ويخفف من حدة الألم،
” إذا كنت تريد أنْ تعرف أحدث وقت السعادة لديك و تتجنُّب الاكتئاب و تخفف من أمراض القلب و الشرايين و القرحة و الأرق لديك ؟
إذن اضحكْ بصوت عالٍ وقت الضحك حتى تبتهج، و ابكِ بلا خجل إذا أهمَّكَ شيء في وقت تحتاج فيه البكاء ، و اشكُ همكَ لمن تستريح إليهم في وقت تحتاج فيه الإفشاء ، فإنْ لم تجد احدا فسجِّل ذلك على ورق أو بالريشة أو على شريط في وقته المحدد دون تردد او تماطل .
واذا أردت أن تهزِم همومَكَ قم بإخراجها من مكانها إلى الهواء الطَّلق في الوقت المناسب و طهّر قلبكَ منها و اطرد الكراهية و حب الانتقام ممن أساءوا إليكَ في الحين دون أن تترك وقتا الأفكار السلبية أن تستحوذ عليك ، وعِش الحياة في كل لحظة باعتدال و اتزان ؛ فلا تسرفْ في التفكير في السلبية على حساب التمتع باللحظات، ولا تتعامَى عن الإيجابية و الاعتزاز بذاتك و وقتك نهائيًّا
إن الوقت هو ذلك الهندام الذي تلبسه نفوسنا في حالة البكاء و التجاذب الشعوري بينها و بين الاكوان حتى إنْ ضاق بها الحال و غصت عليها تداعيات الليالي و الأيام ، و داهمتها الأوجاعُ ،اطلقت العنان الدمع تدرفه فلا تحبس فيه من المشاعر قيد دمعة كي لا تنفجر في صمت لإنَّ الألم الجافَّ أشدُّ قسوةً من الألم المبلل بالدموع؛ فتبلّيل الخدود بالعبرات يخف قسوة الآلام عليها ! و الشخصُ الذي يبكي أكثر أقلُّ عرضةً للإصابة بالأمراض التي تنتج عن الضغط العصبيِّ.
إن الوقت هو ذلك المقام و الحيز العمري الذي نحياه في فترة الدعاء و الإنابة ، فوقت الدُّعاءُ رهين أنيكون عدوُّ البلاءِ ، و هو ذلك الجندي المجهول الذي يدفع الابتلاء و يدافعُه ، و يعالجُ الوباء و يمنعُ نزولَه و يرفعُه العناء و يخفِّفُه، فلا يهم وقت الدعـاءِ والتضرعِ أحدٌ إلا من يعبأ به سبحانه ، و اختيار وقت الدعاءَ عبادةٌ جليلةٌ ، ترفعُ بها الدرجاتِ و تحطُّ بها السيئات، و تحصلُ بها المأمولاتُ و تمنح فيها العطاءات و تقر بها عيون باكيات .

شاهد أيضاً

عن معنى جغرافية الرماد و الدخان !

عبدالواحد التواتي/ماروك24ميديا  بقلم : عبد القادر العفسي بالمباشر ، إن المؤامرة التي دبرها العديد من …

إذا لم تكن مستوعبا لمفهوم الأمن، أنصحك بالصمت

  بقلم / محمد القاضي كنت جالسا في مقهى خارح مدينة فاس أرتشف قهوتي ، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *