سيداتي بيدا/ماروك24ميديا
منذ إعلان جلالة الملك محمد السادس عن إطلاق مشروع الحماية الاجتماعية في 2020، استبشر المغاربة خيرًا برؤية طموحة تهدف على إلى تعميم التغطية الصحية والاجتماعية لجميع المواطنين بحلول 2025. مشروع يُنظر إليه كخطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
لكن بينما تُرسم هذه الرؤية على الورق، تصطدم على أرض الواقع بمعيقات تهدد بإفراغها من محتواها، لتُحرم شريحة واسعة من الفئات الهشة – وهم المستهدفون الأوائل – من الاستفادة.
قرارات غامضة تُقصي الأضعف
“كيف لشخص يتيم، بلا دخل، ولا ممتلكات، أن يُحرم من التغطية الصحية؟” هذا السؤال يتكرر بصوت خافت بين آلاف المغاربة الذين أُقصوا من الدعم الاجتماعي بسبب قرارات تبدو، في كثير من الأحيان، غير مفهومة.
التقارير تشير إلى أن السبب يعود إلى رفع ما يُسمى “مؤشر الدعم الاجتماعي”، وهو معيار رقمي يستند إلى بيانات قديمة أو جزئية. على سبيل المثال:
أشخاص تم إقصاؤهم لأنهم سجلوا أنفسهم بشكل فردي.
آخرون اعتُبروا فلاحين لأنهم حصلوا، في سنوات خلت، على كيس شعير في إطار دعم موسمي.
وحتى من استخدم رقم هاتف لأحد أقاربه لتسجيل نفسه وجد نفسه في خانة “غير المستحق”.
والنتيجة؟ أسرٌ تعيش في فقر مدقع، تعاني الأمراض المزمنة والظروف القاسية، وجدت نفسها مطالبة بدفع اشتراكات التغطية الصحية الإلزامية، رغم أنها بالكاد تستطيع تأمين لقمة العيش.
من يستفيد؟ الميسورون!
المفارقة الصادمة تكمن في أن الفئات الميسورة، التي يفترض أن تكون خارج دائرة الدعم، نجحت في الالتفاف حول النظام. أشخاص لديهم أرصدة بنكية ودخول ثابتة، بل وحتى ممتلكات عقارية، تمكنوا من الاستفادة من الدعم الاجتماعي والتغطية الصحية، مستغلين ثغرات في الخوارزميات.
أحد المحللين يصف الوضع بقوله: “بدلاً من ردع المخالفين الفعليين، عوقبت الفئات الهشة، ليصبح المشروع الطموح أداة إضافية لتعميق معاناتهم.”
ما الحل؟
لا شك أن رؤية جلالة الملك محمد السادس تظل محركًا رئيسيًا لتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن تنفيذ هذه الرؤية يتطلب خطوات حازمة لمعالجة الاختلالات:
1. تحقيق ميداني دقيق: بدلًا من الاعتماد الكلي على الخوارزميات، يجب إرسال فرق ميدانية للتحقق من أوضاع المستفيدين الفعلية.
2. عقوبات صارمة على المخالفين: من يقدم معطيات زائفة يجب أن يُحاسب وفق القانون، ليكون عبرة للآخرين.
3. تطوير معايير الاستحقاق: إعادة تصميم نظام الدعم الاجتماعي بما يراعي التفاصيل الدقيقة لظروف المواطنين.
4. تواصل أفضل مع الفئات المستهدفة: توفير منصات تُسمع صوت المتضررين وتستجيب لشكاواهم بفعالية.
مشروع ملكي ينتظر إنصاف الفئات المستحقة
مشروع الحماية الاجتماعية ليس مجرد خطة حكومية؛ إنه وعد ملكي بإرساء دعائم العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق بين المغاربة. لكنه أيضًا اختبار لقدرة المؤسسات على ترجمة الرؤية إلى واقع.
هل تنجح الجهات المعنية ف حدي تصحيح المسار؟ أم أن أصوات الفئات الهشة ستظل تتردد في الفراغ، معلقة بين الأمل والخذلان؟
المغاربة ينتظرون الجواب… وأعينهم على 2025.