أوتغولت حسن
تحيي الأمم المتحدة اليوم الإثنين17 أكتوبر 2022 اليوم العالمي للقضاء على الفقر للعام 2022 – 2023، تحت شعار “الكرامة للجميع”، وكما تقول المنظمة على موقعها فإن ” كرامة الإنسان ليست حقًا أصيلا وحسب، بل هي الأساس لكافة الحقوق الأساسية الأخرى. ولذا، فإن الكرامة، ليست مفهوماً مجرداً فهي حق إنساني لكل فرد على هذه البسيطة. واليوم، يعاني عديد من الذين يعايشون الفقر المزمن من الحرمان من كرامتهم، وغياب احترامها”.
ويظهر شعار هذا العام، لإحياء اليوم العالمي للقضاء على الفقر، المدى الذي أسهمت من خلاله عدة عوامل، على مدى السنوات الماضية، في تحول الفقر إلى معضلة كبرى، في أنحاء متفرقة من العالم، لدرجة أنه بات ذا تأثير سلبي على الكرامة الإنسانية للملايين، وتؤكد الأمم المتحدة على أنه ورغم استمرارها في الالتزام بوعدها، بالقضاء على الفقر في العالم بحلول العام 2030، فإن الواقع الحالي يظهر أن 1.3 مليار شخص، مايزالون يعيشون في فقر “متعدد الأبعاد”، وأن نصفهم تقريبًا من الأطفال والشباب.
ووفقا للعديد من التقارير الدولية، خلال الأعوام الماضية، فإن أزمة تفشي كورونا ثم ما تلاها من غزو روسي لأوكرانيا، والحرب الدائرة حاليا بين البلدين، أديا بصورة كبيرة، إلى عرقلة الجهود الدولية، للقضاء على الفقر، وساهما في زيادة عدد الفقراء في العالم، وفي زيادة الأغنياء غنى أيضا، في ثنائية واضحة ومشينة بين زيادة الفقر، وغياب المساواة.
وكان لجائحة كورونا الأثر الأكبر، في إظهار اتساع الفجوة، بين الأغنياء والفقراء، وكذلك إبراز فشل نظام الحماية الاجتماعية وغياب المساواة، فزادت الشركات قوة، في وقت ضعفت فيه قوة الطبقة العاملة وتآكلت حقوقها، في ظل عمليات تسريح قاسية بفعل الجائحة، بينما جنت الشركات الكبرى أرباحا هائلة، إذ تسجل الشركات وثروات طبقة المليارديرات، ارتفاعا غير مسبوق على مدى السنوات الماضية، في وقت تتزايد فيه الحقوق العمالية تأزما.
و تسجل بعض البلدان في المنطقة معدلات تضخم مرتفعة بدرجة تثير القلق مثل إيران بحوالي 43 في المائة، ولبنان بـ154 في المائة، واليمن بـ30 في المائة، وذلك وفقاً لأحدث بيانات صندوق النقد الدولي.
ووفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة، تعتمد ما يقرب من 50 من بلدان العالم على أوكرانيا وروسيا في الحصول على 30 في المائة على الأقل من وارداتها من القمح، من بينها مصر وليبيا وجيبوتي واليمن ولبنان وتونس من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتقوم أوكرانيا وروسيا بتوريد مجموعة متنوعة من السلع الأساسية إلى الاقتصاد العالمي، منها المنتجات الغذائية مثل القمح والذرة والبذور الزيتية، ومنتجات الطاقة، بالإضافة إلى الأسمدة اللازمة للإنتاج الزراعي.
وتؤثر الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي بزيادة تفاقم الضغوط التضخمية القائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي نشأت عن موجات الجفاف وانتشار الصراعات والمعضلات الأخرى، كما أصابت الحرب واردات المواد الغذائية الأساسية بالشلل في بعض البلدان، وتسبَّبت في قفزات عامة للأسعار، لا سيما أسعار المواد الغذائية.
وبناءً على نماذج المحاكاة للبنك الدولي، فإن الاتجاهات المثيرة للقلق لزيادة أسعار المواد الغذائية وتأثير ذلك على إمدادات المعروض، ستؤدي إلى سقوط 23 مليون شخص إضافيين في براثن الفقر، وضياع مكاسب سنوات عدة من جهود الحد من الفقر.
وذكر خبراء البنك الدولي أنه مقابل كل زيادة قدرها 1 في المائة في أسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد يصبح نحو نصف مليون شخص إضافي في عداد الفقراء في المنطقة.
وبحسب نتائج استقصاء أجراه البنك شمل أكثر من 2000 مشارك مغربي عبر “فيسبوك”، فإن السلع والخدمات الأكثر تأثراً بزيادات الأسعار هي الحبوب والوقود والنقل والخضراوات الطازجة.
ووفق تحليل خبراء البنك الدولي، تُؤثر زيادة الأسعار، لا سيما أسعار الوقود والنقل، على عدد أكبر من الأسر، كما يظهر تأثير زيادة الأسعار بقوة أكبر في المناطق الحضرية مقارنة بالمناطق القروية، باستثناء الحبوب.
وقد وصل معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 14.8 في المائة في 2021، مرتفعاً بدرجة كبيرة عن المتوسط البالغ 7.3 في المسجل بين عامي 2000 و2018.
قال البنك الدولي إن ارتفاع معدل التضخم في المغرب سيؤدي إلى زيادة معدل الفقر بما يتراوح بين 1,1 و1,7 نقطة مئوية.
وذكر البنك الدولي، في مقال أنجزه أربعة خبراء كبار، أن هذا الارتفاع يرجع معظمه إلى زيادة أسعار المواد غير المدعومة مثل الوقود.
وأشارت المؤسسة المالية الدولية إلى أن الدعم الذي تقدمه الدولة لأسعار بعض المواد والذي تستفيد منه في العادة الأسر الميسورة، سيؤدي إلى تدهور أوضاع المالية العمومية.