ماروك24ميديا
مراسلة سيداتي بيدا
استنادًا إلى الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بمناسبة افتتاح السنة الجامعية 2018-2019،في 6 أكتوبر 2018، والذي أكد فيه على أهمية النزاهة والشفافية في اختيار الطلبة وتوفير تعليم جيد وبناءً على مقتضيات دستور المملكة المغربية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها، وتنفيذًا لتوصيات الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 ووفقًا للقانون الإطار رقم 51.17، وخاصة المواد 3 و4 و6، تجد مؤسسات التعليم العالي نفسها أمام تحديات كبيرة لضمان تكافؤ الفرص والالتزام بالمعايير العادلة في اختيار المرشحين.
في هذا السياق، شهدت جامعة مراكش هذا العام حالة من الجدل الواسع حول عملية ولوج سلك الماستر، حيث عبر العديد من الطلبة عن استيائهم من غياب الشفافية في الإجراءات المتبعة، ما أثار تساؤلات حول مدى نزاهة ومصداقية عملية الانتقاء. وطرح الطلبة تساؤلات مشروعة حول الإجراءات التي اتبعتها بعض الجهات المسؤولة لاختيار المرشحين، والتي أبدى البعض منها عدم التزامه بمعايير واضحة، مما أثار الشكوك حول طبيعة تلك القرارات ومدى شرعيتها.
*إجراءات الانتقاء الأولي: اختيار محدد يقلل من الفرص*
الانتقاء الأولي لهذا العام أجبر الطلبة على اختيار ثلاثة تخصصات فقط، وهو ما اعتبره الطلبة قيدًا على فرصهم في الترشح لتخصصات أخرى قد تكون أكثر توافقًا مع مؤهلاتهم واهتماماتهم. هذا الإجراء أثار استياءً كبيرًا، حيث أنه حدّ من مرونة الخيارات أمام الطلبة وزاد من الصعوبات التي يواجهونها في تحقيق طموحاتهم الأكاديمية.
*معايير القبول: غموض وعدم وضوح*
من بين القضايا المثيرة للجدل غياب معايير واضحة للقبول في الامتحان الكتابي، حيث لم يتم الإعلان عن معايير دقيقة تمكن الطلبة من فهم الآلية المعتمدة في اختيار الطلبة المدعوين لاجتياز الاختبار الكتابي للولوج إلى سلك الماستر، مما يحول دون استعدادهم الجيد. على سبيل المثال، في تخصص المنازعات القانونية، لم يتم تحديد النقطة المطلوبة للانتقاء، مما أدى إلى حالة من الارتباك لدى الطلبة وصعوبة في التخطيط. وهذا الوضع أثر سلبًا على فرصهم في التخصصات الأخرى، مثل القانون العام، التي تطلبت نقطة انتقاء أقل بكثير مقارنة بتخصص المنازعات القانونية. وقد تسبب هذا في فقدان عدد كبير من الفرص لطلبة حصلوا على نقاط أعلى من أولئك الذين اجتازوا مباراة الولوج إلى سلك الماستر في تخصصات أخرى، مما أثار تساؤلات حول دواعي إخفاء معايير الانتقاء.
*الاختبار الشفوي دون امتحان كتابي: غموض في آلية الدعوة*
شهدت عملية الانتقاء هذا العام حالة غريبة، حيث تم استدعاء بعض الطلبة لاجتياز الاختبار الشفوي مباشرة دون أن يتم إدراجهم في قائمة المدعوين للامتحان الكتابي. هذا الإجراء غير المسبوق أثار الشكوك حول طبيعة الدعوات وهل هي نتيجة خطأ إداري أم قرار متعمد. الكثير من الطلبة تساءلوا حول مدى نزاهة هذه الخطوة وأثرها على مصداقية العملية برمتها.
*الامتحان الكتابي بصيغة شفوية: تكافؤ الفرص على المحك*
إحدى النقاط التي أثارت قلق الطلبة هو أن الامتحان الكتابي تم تقديمه بصيغة شفوية داخل المدرج، بدلاً من الامتحان الكتابي التقليدي. هذه الصيغة الجديدة أثارت قلقًا كبيرًا بين الطلبة حول مدى تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، حيث اعتبر البعض أن تلك الصيغة تتيح مجالاً لعدم المساواة في الفرص وتثير الشكوك حول إمكانية حصول بعض الطلبة على الأسئلة مسبقًا.
*طبيعة الأسئلة: غموض في التصحيح وتباين في التقييم*
أثارت طبيعة الأسئلة المقدمة في الامتحانات شكوكًا إضافية، حيث كانت الأسئلة مفتوحة وتعتمد على بعد مفاهيمي عميق، ما جعل عملية التصحيح تعتمد بشكل كبير على رؤية وتصوّر الممتحنين. هذا التباين في التقييمات أدى إلى شعور بعض الطلبة بأنهم تعرضوا للظلم، حيث قدموا إجابات تعتبر جيدة وفقًا لتصوراتهم، لكنها لم تتوافق مع منظور واضعي الامتحان، ما أثر على نتائجهم النهائية.
*عدد المدعوين: غياب الوضوح في الأرقام والتضارب في المواعيد*
أحد الجوانب الأخرى التي أثارت استياء الطلبة هو عدم الإعلان عن العدد الدقيق للطلبة المدعوين في مختلف مراحل الانتقاء، سواء في الامتحان الكتابي أو الشفوي. في بعض التخصصات، تم دعوة حوالي 1000 طالب للامتحان الكتابي، وفي تخصص آخر تم دعوة عدد مماثل تقريبًا. بينما اقتصر العدد المدعو للاختبار الشفوي في التخصص الأول على 128 طالبًا، وفي الثاني على 64 طالبًا فقط. هذا الفارق الكبير في الأعداد، وعدم الإعلان المسبق عنها، وضع الطلبة في حالة من الارتباك وأدى إلى صعوبات في التخطيط والتحضير. بالإضافة إلى ذلك، شهد الطلبة تضاربًا في مواعيد الامتحانات بين الجامعة الرئيسية في مراكش وملحقتها في قلعة السراغنة، مما أدى إلى فقدان فرص للعديد من الطلبة الذين اضطروا للاختيار بين اختبارين في نفس اليوم.
*عدد المقبولين: عائق أمام تطوير الكوادر المؤهلة*
من بين ما أثار استياءً إضافيًا هو العدد المحدود للطلبة المقبولين في برنامج الماستر، حيث تم قبول 40 طالبًا فقط، ما يمثل نسبة أقل من 4٪ من إجمالي المتقدمين لاجتياز الاختبار لولوج لسلك الماستر. هذا العدد الضئيل يشكل عائقًا أمام تطوير الكوادر المؤهلة القادرة على إنتاج الثروة والمساهمة في اللحاق بركب الدول المتقدمة. فالعلم هو الأساس الذي يحدد مصير الأمم بين التقدم أو التراجع. وتقليص نسبة المقبولين في برامج الماستر من شأنه أن يؤثر سلبًا على تطور البلاد وقدرتها على توفير الأطر العليا اللازمة لدعم مختلف القطاعات الحيوية.
في ظل هذه الإشكاليات، أعرب الطلبة عن قلقهم من أن الإجراءات المتبعة هذا العام قد أضرت بمصداقية العملية التعليمية وأثرت سلبًا على مسارهم الأكاديمي. وقد دعوا الجهات المسؤولة إلى التدخل السريع لتصحيح هذه التجاوزات، وضمان معايير عادلة وشفافة في اختيار الطلبة، بما يحقق الأهداف الاستراتيجية للإصلاح التعليمي، ويوفر فرصًا متكافئة لجميع الطلبة لمواصلة دراستهم العليا والمساهمة في تنمية البلاد.