محمد القاضي
لا أحد يختلف في كون أن باركينات ومواقف السيارات بمدينة فاس تشوبها العديد من الخروقات والشبهات ؛ ولا أحد ينكر أن تدبير هذا القطاع يتم بمنطق غابوي.
إذ أن أغلب المستفيدين من هذا المرفق هم أناس في غنى عنه و كان يجدر بهم أن يتركوه للشباب الذين لم يسعفهم الحظ في الحصول على وظيفة او شغل لحمايتهم من وحش البطالة ومن وحش الانحراف.
والمثير للدهشة والاستغراب هو أن أغلب الذين يستفيدون من هذا المرفق لهم ارتباطات باصنام واقزام سياسية لا تفيد البلاد في أي شيء مع في تنامي الجريمة والمخدرات وغيرها من مظاهر الانحراف.
شخصيا أعرف أن مستشارا سابقا في أحد المجالس السابقة وهو بالمناسبة محام محترم ؛ كان يتقاضى تعويضا من المجلس على مهام التنقل والتمثيل وأجرا شهريا محترما من قبة سيدي الراضي يقدر بأكثر من 36 ألف درهم ..ومع ذلك كان يستفيد من مدخول عدة باركينات بفاس ولا يدفع اي قرش للجماعة ..إذ أن مهمته كانت هي انه مساء كل يوم يقوم بجولة على الباركينات المحسوبة عليه ويجمع من الذين كلفهم بحراستها مبالغ مالية طائلة…
وما كان يقوم به هذا الكائن الانتخابي كان ينسحب على العديد من المستشارين الجماعيين …
وهذه الفوضى العارمة كانت من ضمن الاسباب الرئيسية التي جعلت العمدة السابق إلى تفويت عملية تدبير مواقف السيارات بفاس الى شركة أجنبية ؛ وكلنا نعلم أنه فشل في تمرير هذا المشروع بسبب المقاومة الشديدة الذي جوبه بها.
صحيح أن بعض الشباب يستفيدون من إعالة أنفسهم واسرهم من هذا القطاع ؛؛ وهم يستحقون الدفاع عنهم وعن مصالحهم والتضامن معهم وحمايتهم من الحيتان المفترسة…
وفي مقابل ذلك هناك فئة من المنحرفين يشتغلون بهذا القطاع بدليل أنهم يمارسون ابتزازا على أصحاب السيارات ومنهم من يطلب من اصحاب المركبات ما بين 10 الى 50 درهم منها حالات في الرصيف. وهناك آخرين لديهم موارد أخرى كان يجدر بهم الا يزاحموا من هم في أمس الحاجة لهذا العمل .
لذلك اقترح على الجهات المختصة بما فيها جماعة فاس الحضرية وصفة سحرية (خطة عمل) لمعالجة هذا الاختلالات بشكل نهائي :
وتتطلب هذه الخطة تطبيق الخطوات التالية:
أولا : أن تقوم الجماعة الحضرية باعلان طلب عروض موجه للشباب العاطل خصوصا الذين لهم مستويات تعليمية عالية (تكوين مهني او الجامعات ) على أساس أن يتم تقديم الطلب من مجموعات أي أن كل طلب يشترك فيه على الاقل 10 شباب.
ثانيا : أن يتم دراسة الطلبات من طرف لجنة مختصة ومحايدة لا علاقة لها بالمجلس الجماعي وان يتم اختيار الطلبات الستة الأوائل – أي مجموعة لكل مقاطعة – بحيث تتكلف كل مجموعة تتكلف بتدبير الباركينات التابعة للمقاطعة التي سيتم تعيينها بها.
ثالثا : كل مجموعة فائزة تقوم باحداث شركة خصيصا لهذه المهمة..
رابعا : عند تسليم مهام تدبير باركينات المقاطعات لهذه المجموعات ؛ يجب مواكبتهم من قبل قوات حفظ النظام العام وعناصر الشرطة والقوات المساعدة لكي لا يصطدموا مع الريعييين والاصنام التي تستفيد من هذه الباركينات.
خامسا : ينبغي الاحتفاظ بالشباب العامل في الباركينات – اقصد الذين لهم سمعة طيبة والذين ليس لديهم اي مورد رزق وتسجيلهم بالضمان الاجتماعي لضمان التغطية الصحية لديهم وضمان تقاعدهم.
بهذه الخطوات سيتم تنظيم قطاع الباركينات بشكل جيد يليق بمدينة من طينة فاس ويليق بتاريخها العريق ؛ وفي نفس الوقت ضمان الأمن والاستقرار والطمأنينة لجميع اصحاب المركبات… وإبعاد هذا القطاع عن الاصنام السياسية التي عاثت في الارض فسادا وخبثا..كما أن كل الذين سيعملون تحت اشراف الشركات الستة على مستوى كل مقاطعة ستكون هويتهم معروفة ويشتغلون بطريقة قانونية.
أما الإفادة الاعظم التي سيستفيد منها سكان مدينة فاس هي ؛ من جهة سيتم خلق فرص شغل لعدد هائل من الشباب الذين في أمس الحاجة اليه؛ ومن جهة ثانية فإن مالية الجماعة ستستفيد من مداخيل جديدة يتم الان تهريبها نحو جيوب من لا يستحقونها.. وهذا سيكون له وقع عظيم على السلم الاجتماعي بالمدينة.