سيف اكثم المظفر
أفرزت الساحة العراقية بعد 2003 شخصيات سياسية متعددة، واتسمت بصبغات متنوعة، فمنهم الأحمر الثوري ، ومنهم الأخضر المتسامح، وكثير من الأسود الفاسد، والرمادي المتقلب، والأبيض الهادئ.
لا نريد أن نخدش من وطنية أحدهم، إلا أن قراءات الوطنية اختلفت عندهم.. منهم من يرى بعين أخرى، يجد كل ما تقوله صواب، واخر ينبذ تلك العين بمكيال, ويقبل عيون أخرى بمكيالين، واشتد الوطيس بين ناقد متعجرف، وقسيس لا يرى الحق، سوى مايظنه رغم أن أغلب الظن في السياسة اثم.
بعد سبعة عشر عاما من التنضيج والتجديد، والتعددية في القراءات، بدأت تتبلور رؤية سياسية عراقية ناضجة، يمكن أن ترى النور لو صوب الجمهور أصابعهم اتجاهها.. تقابلها رؤية تعد القوة والسلاح والاصطفاف ضمن المحاور هو الحل الأمثل، يبرره أفعال الاحتلال الأمريكي من خرق للسيادة يشاركه فيها الجانب التركي، الذي ولد رد فعل لدى شباب يحمل الغيرة والوطنية بدرجة عالية، رغم أن هذه القضية تبقى أمرا سياسيا بحتا، لا يخضع لموازين القوى.
قوى اللادولة، التي ترى أن تقوّي مخازنها، وتكثر من (سراديب خزن السلاح) وتستثمر في نفوذها على قطاعات مختلفة، تارة بقوة السلاح وأخرى بقوة السلطة، لتضيف إلى ترسانتها العسكرية مزيد من التجار، وسارقي المال العام و الانتهازيين، واصحاب المصالح الخاصة.. فضلا عن السماح للآخرين من باقي الأطراف، بل تدعهم لانتهاج ذات النهج، في حماية أنفسهم ومصالحهم.. نتاج ما سبق خلق جبهات متعددة، يحكمها المال والسلاح، امبراطوريات ومافيات، تعمد لبناء نفسها على أنقاض الدولة، وهي تحمل المعاول، لهدم كل شيء يخص الدولة، التي ضحى من أجلها العراقيين، بكل طوائفهم، رغم أن الطائفة الأكبر، كانت هي صاحبة الحظ الأوفر بالدماء والشهداء والعطاء، الذي اوقدته فتوى سيد النجف الاشرف، وقائدها واسدها السيد السيستاني دام ظله, بفتوى كفائية قلبت الموازين و أرجعت بقايا الدولة التي كانت على شفى الانهيار.
اللادولة.. سلاح منفلت، وأجندات خارجية، وعصابات داخلية ومافيات عشائرية، تتخطى حدود الطبيعة، وتؤمن بأن قوتها يجب ان تكون أقوى من الدولة، وذهبت الى اخضاعها لارادتها، رغم انها تملك نصفها .. والأمثلة كثيرة.
ماذا يريد عمار الحكيم بشعاره (قوى الدولة) ولماذا يهتم هكذا ببناء دولة؟ ماذا ستنتج تلك الرؤية لو طبقت على الواقع؟.. يقينا ستنتج دولة قوية، وهذا بذاته يؤدي لتطبيق قوي للقانون؛ على الجميع، يحاكم فيه المتجاوزين على القانون، ويحكم بها على القاتل، ويبني قوى امنية فعالة، يعمر من خلاله البلد، ويستثمر فيه الطاقات، ويصبح الشباب في غنى عن فتات الدولة، الذي ترميه للموظف، مقابل عمره وخبرته!.
واضح، كالشمس، ذاك النهج الذي يريد دولة قوية، يقوى جميع من يؤمن بها تحت ظلها، وينطلق ضمن حكم القانون، وبناء الثقة بين المواطن والدولة، أولوياتها إيقاف هدر للمال العام، وإخضاع الجميع لمسطرة القانون، وفسح المجال للهدوء والسكينة، وإشاعة الأجواء الإيجابية بين أفراد المجتمع، من خلال، توفير الخدمات وأتاحت الاستثمارات وفتح فرص عمل كبيرة، لجميع الفئات.. هل حقاً يريد دولة ميليشيات؟!