بقلم الأستاذ والفاعل الجمعوي : محمد مرزوق
تتزامن تحضيرات التلاميذ لامتحانات البكالوريا هذه السنة مع انتشار جائحة فيروس كورونا، الأمر الذي يزيد من ضغوطاتهم وتوتراتهم النفسية، خاصة وأن هذه السنة عرفت بعض التغييرات في امتحانات البكالوريا كتغيير جدولة الامتحانات التي عرفت التأخير وكذلك تغيير في أجواء إجراء الامتحانات التي ستمر هذه السنة وفق معايير محددة من أهمها اتخاذ التدابير الوقائية الصارمة والضرورية ( ارتداء الكمامة – غسل اليدين بشكل متكرر – احترام مسافة الأمان…) حفاظا على سلامة المترشحين والأطر التربوية والإدارية، مما يؤثر بشكل سلبي على الاستعداد النفسي والعقلي والعملي لمترشحي الباك.
ظلت المنظومة التربوية عندنا بمنأى عن المرافقة النفسية لعقود طويلة للاعتقاد السائد بأن الإخفاق أو الفشل الدراسي له سبب واحاد فقط، ألا وهو التحصيل الدراسي، وتغافل الكل عن الأسباب النفسية ودورها في التأثير على المستوى الدراسي للتلميذ وبالتالي الاخفاق الدراسي، وهو ما دفع بالأخصائيين إلى تسليط الضوء على أهمية التوجيه والإنصات السيكولوجي والدعم النفسي والمرافقة النفسية… خاصة فئة الراسبين والذين يعانون من صعوبات وتعثرات دراسية تؤثر على تحصيلهم الدراسي.
لهذا يشدد علماء النفس والأخصائيون في مجال التربية هذه الأيام وفي ظل انتشار جائحة فيروس كورونا وقبل خوض غمار امتحانات البكالوريا على أهمية الدعم النفسي لتلاميذ البكالوريا كعامل من عوامل النجاح وكدعامة للتخفيف من قلق الامتحان الذي يعتري التلميذ ويجعله يحس بالحوف والتوتر والقلق، لما تكتسبه المرافقة النفسية من أهمية وتأثير إيجابي من شأنه الرفع من معنويات التلاميذ وتحسين نتائجهم وتحصيلهم الدراسي، خاصة أصحاب التجارب الفاشلة وضعاف الشخصية الذين يعانون من خوف مضاعف ناهيك عن الضغوطات العائلية التي تصب عكس مصلحتهم وتزيد الطين بلة.
ويمكن التخفيف من قلة الامتحان الذي يعتري التلاميذ وتقديم الدعم النفسي من خلال تضافر جهود متعددة منها:
• دور الأسرة: يعتمد على تهيئة الأجواء الدراسية المناسبة للأبناء، وتوفير المناح الملائم خلال فترة الامتحانات، ولذلك تتخذ الأسرة إجراءات لضمان تحصيل مناسب للتلميذ مثل تخصيص مكان للمراجعة تتوفر فيه الأجواء الصحية اللازمة، من الإضاءة الجيدة والبعد عن الضوضاء وأجهزة التسلية التي من شأنها أن تبعد التلميذ عن الدراسة أو تشوش على تركيزه، مع الحرص على تعزيز الثقة في نفس الأبناء من خلال تشجيعهم والثناء عليهم، ومن المهم أيضا تجنب التلميذ المشروبات المنبهة وتعويضها بالمشروبات المفيدة من العصائر التي تكثر فيها الفيتامينات.
• دور التلميذ: طبعا الاستعداد أو التحضير للامتحان يكون على طول السنة، لكن الأيام التي تسبق الامتحان تبقى ذات أهمية خاصة، كما أن تنظيم الوقت وتوزيعه بشكل منتظم ومضبوط على المواد الدراسية الممتحنة يمكن من مراجعة جميع المواد، وعلى التلميذ أن يتعرف على نوع الذاكرة النشطة لديه ( الذاكرة البصرية أو السمعية أو الحركية ) ويحاول استغلالها قدر الإمكان، وأن يحرص على مراجعة الملخصات والملاحظات التي دونها بخط واضح لأنها تساعده على التذكر أكثر على أن يبتعد عن الملخصات الجاهزة، ويؤكد الأخصائيون عموما على ضرورة الاحتفاظ بنفس نظام اليوم المعتاد في الحياة اليومية للتلميذ مخافة إرباك الجهاز العصبي بسبب النوم المتأخر أو الاستيقاظ المبكر فيشعر التلميذ بالقلق والتوتر والإرهاق النفسي والجسدي لأنه لم يتعود على ذلك.
• دور المؤسسة: لا يقل دور المدرسة أهمية عن دور الأسرة في اعداد التلميذ نفسيا ودراسيا من خلال تخصيص حصص للمراجعة عن بعد بالتركيز على أهم الدروس أو تلك التي تشكل تحديا بالنسبة للتلميذ، ومن المهم جدا توضيح صيغة أسئلة الامتحانات ليكون التلميذ مستعدا لمواجهة أوراق الامتحان، العمل كذلك على تشجيع التلاميذ على التعامل مع الامتحان بثقة وشجاعة وإرادة.
• التوازن النفسي: على مسؤولية الأسرة تحقيق التوازن النفسي لأبنائها في فترة المراجعة للامتحانات لأن الآباء يعيشون نفس الضغط والقلق الذي يعيشه الأبناء، ويكون الأمر مقبولا في الحدود الطبيعية، إلا أنه ينقلب إلى عكس ذلك إذا تجاوز العادي، ويصبح خطرا لأنه قد يؤثر على أدائهم وقابليتهم للمراجعة والتحصيل.
وفي الأخير أؤكد على ضرورة إعطاء أهمية بالغة للجانب النفسي للتلميذ الذي من شأنه أن يساعده على الاستعداد الجيد للامتحان بعيدا عن أجواء التوتر والخوف والقلق. فلا نجاح ولا تفوق بدون الاشتغال على الأبعاد الثلاثة: البعد النفسي والبعد العقلي والبعد العملي الإجرائي.