هشام التواتي
لماذا يحن جل المغاربة إلى أيام زمان؟ أيام صولة وجولة وعزة المدرسة العمومية المغربية؟
ما الذي كان يميز المدرسة العمومية في الماضي وافتقدته في الحاضر؟
كيف انتقل التعليم الخاص، في وقت من الأوقات، من حاضن للحالات الميؤوس منها وغير المواكبة بالمدرسة العمومية إلى مستقبل وحاضن لتلاميذ نجباء وأكفاء؟
كيف حدث كل هذا خلال عقد ونصف؟ وما الذي افتقدته المدرسة العمومية وطورته المدراس الخاصة؟
ماهي العوامل التي هزت ثقة الآباء في المدرسة العمومية؟ وكيف اكتسبت المدارس الخاصة ثقة أولياء أمور التلاميذ؟
أليس قطاع التعليم الخاص عامل جذب مهم استطاع استثمار مبالغ ضخمة مكنت من تدارك العجز المسجل لدى التعليم العمومي؟
ألا تتحمل الحكومات السابقة والحكومتان الأخيرتان الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم العمومي؟
ألم يصرح رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران بعظمة لسانه قائلا:
“لقد آن الآوان أن ترفع الدولة يدها عن التعليم والصحة؟”
لماذا لايتم طرح الأسئلة الحقيقية؟ ومن يتعمد تحوير النقاش وتوجيهه؟
ألا تتحمل بعض مؤسسات التعليم الخاص مسؤولية صب الزيت فوق النار عبر محاولة إجبار أولياء الأمور على دفع كامل المستحقات دون الأخذ بعين الإعتبار الظرفية الإستثنائية التي تعيشها الأسر المغربية خلال فترة الحجر الصحي؟
أو لم يتوقف عن العمل مرغمين، مئات الآلاف من الآباء وأولياء أمور التلاميذ الذين يدرسون بالقطاع الخاص؟
ألا يعيش العالم ظرفا قاهرا أثر على ميزانية الجميع بنسب متفاوتة مما جعل السواد الأعظم عاجزا عن الوفاء بالتزاماته تجاه بعضهم البعض؟
ألا تتحمل الدولة المغربية المسؤولية في عدم توفير الحكومات السابقة لاحتياجات أبناء وبنات المغاربة من بنيات مؤسساتية تحتية وأطر تعليمية كانت لتعفيهم من التوجه نحو القطاع الخاص؟
بالمقابل، ماذنب المقاولين الذين استثمروا الملايير في قطاع التعليم الخاص لتدارك العجز الحاصل فيه عبر تقديم خدمات متنوعة ومتميزة بمقابل متوافق عليه مسبقا نال رضى وتوافق الطرفين؟
مامصير ملايير الدراهم التي كانت مخصصة للبرنامج الإستعجالي؟ وأين وصلت محاسبة المتورطين في هدرها؟
لماذا صوتت جل الأحزاب الممثلة في البرلمان ضد مقترح مشروع تعديل قانون ميزانية 2020 عبر الزيادة بخمسة ملايير درهم في كل من قطاعي الصحة والتعليم؟
ألم يكن المغاربة، إلى حدود بداية الأسبوع الثاني من شهر مارس 2020 مقتنعين بجودة وكفاءة مؤسسات التعليم الخاص حيث يدرس أبناؤهم وبناتهم؟ فماذا حدث؟
هل يعقل أن تتسمم العلاقة بين الآباء ومؤسسات التعليم الخاصة بهاته السرعة وبهاته الطريقة البئيسة؟
من يصطاد في المياه العكرة؟ ولمصلحة من تأجيج الأوضاع؟
ألم يتحول قطاع التعليم الخاص من شريك إلى مكون أساسي بصريح منطوق المادة السابعة من الباب الثالث من قانون إطار 51.17 الذي جاء فيه:
” تتكون منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، بقطاعيها العام والخاص..” ؟
ألم تنص المادة 13 من نفس القانون على أن :” تلتزم مؤسسات التربية والتعليم والتكوين التابعة للقطاع الخاص، في إطار من التفاعل والتكامل مع باقي مكونات المنظومة، بمبادئ المرفق العمومي في تقديم خدماتها، والمساهمة في توفير التربية والتعليم لأبناء الأسر المعوزة وللأشخاص في وضعية إعاقة وكذا الموجودين في وضعيات خاصة؟
ألم تحدد المادة 14، من ذات القانون، التدابير التي يتعين على الحكومة اتخاذها، وخصوصا وضع نظام تحفيزي لها، لتمكين مؤسسات التربية والتعليم والتكوين التابعة للقطاع الخاص من الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في المادة 44 من القانون الإطار الذي ينص على : ” تحديد الإجراءات والتدابير التحفيزية التي يمكن أن يستفيد منها القطاع المذكور، في إطار تنفيذ الإلتزامات التعاقدية المبرمة بينه وبين الدولة؟
ألا تنص المادة 39 من الرافعة الثامنة من الفصل الأول من الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015-2030 على :
” التزام مؤسسات التعليم الخاصة، مقابل تشجيعات ومزايا، توفرها الدولة، بتطبيق رسوم التسجيل والدراسة والتأمين، تحدد باتفاق مع سلطات التربية والتكوين”؟
فأين هي التشجيعات والمزايا التي وفرتها الدولة لمؤسسات التعليم الخاص لأجرأة هاته المادة وتجنيبها الإصطدام مع آباء وأولياء أمور التلاميذ؟
أليس سهلا على الحكومة التدخل لإعفاء مؤسسات التعليم الخاص من تكاليف ضريبية تكون مقابلا لإعفاء أولياء أمور التلاميذ من نسب جزئية أو كلية من الواجبات الشهرية خلال تفشي جائحة كورونا؟
فإلى متى ستقف الحكومة موقف المتفرج في العلاقة التي تسممت بين آباء وأولياء تلاميذ مدارس التعليم الخاص بالمغرب على بعد أقل من شهر من تاريخ إجراء الإمتحانات الإشهادية الخاصة بالسنة الثانية بكالوريا؟
مامحل التلميذ والتلميذة المغربيين من الإعراب من أبناء التعليم الخاص مما يحدث؟ ولماذا لايتم الترفع عن التنابز والتشهير والتشهير المضاد؟
مستقبل أبناء المغاربة فوق كل اعتبار ولاينبغي أن يكون لامحل مزايدة ولا مساومة ولا طرف في صراع دونكيشوتي تستطيع الحكومة إنهاءه بالعقل والحكمة بعيدا عن منطق الغالب والمغلوب.
الدولة ملزمة بتطوير التعليم العمومي وتحقيق الإكتفاء الذاتي منه، والتعليم الخاص يساهم إلى جانب الدولة في توفير خدماته لمن استطاع إليه سبيلا.
فالتعليم الخاص، شئنا أم أبينا، أصبح مكونا من مكونات منظومة التربية والتكوين، يساهم في الدورة الإقتصادية ويحقق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، تقدر بعشرات الآلاف.
فالتحدي الحقيقي يتمثل في تطوير التعليم العمومي والرفع من ميزانيته والإستثمار فيه، لجعله عامل جذب للآباء، على غرار التعليم الخاص، وترك الإختيار لأولياء الأمور لتدريس أبنائهم إما بالمدرسة العمومية أو بالمدرسة الخاصة.
أسئلة وتحديات تسائل لجنة النموذج التنموي في قطاع حيوي يأتي في المرتبة الثانية بعد قضية الصحراء المغربية.