google.com, pub-5726207047985757, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أخبار عاجلة
الرئيسية / الرئيسية / فلسفة الصغر: السيكودراما الكبرى لرئيس بلدية من الطراز الفاسد ! بقلم : عبد القادر العفسي

فلسفة الصغر: السيكودراما الكبرى لرئيس بلدية من الطراز الفاسد ! بقلم : عبد القادر العفسي

 ماروك24ميديا 

 هذا المقال ساخر، ندعوكم إلى رحلة عبر زوايا غريبة للعقل البشري ، حيث يمتزج العبث بالمنطق و الهزل بالواقع في محاولة لاكتشاف الحقيقة الهاربة بين السطور ، لا يسعى هذا النص لأن يكون مرآة لأي شخص أو حدث ، بل هو مجرد انعكاس عشوائي لخيالات عابرة و هواجس ليلية ! و أي تطابق مع الواقع ليس إلا صدفة عبثية تُعبر عن عبثية الوجود نفسه !  .

في كتاباته عن “إرادة القوة”، لم يتوقع “نيتشه” أن يُلهم رئيس بلدية منسيًا في بقعة نائية ! غير أن هذا الأخير يعاني من أزمة وجودية مزمنة مرتبطة بحجم “ما لا يُذكر”، أثبت أن فلسفة القوة يمكن أن تتحول إلى كوميديا ساخرة حين تُختزل في محاولة تعويضية عبثية لإثبات الذات، ليس في ميادين العظمة، بل في مقالب الفساد ومسرحيات السوء ،رئيس البلدية هذا العزيز الذي  يتربع على عرش الفساد بحرفية منقطعة النظير،كائن ليس ككل الكائنات، أو بالأحرى، كائن يعاني من عقدة أبدية لا تراه عينه ولا يتجاوزها عقله ! نعم، نتحدث هنا عن ذاك الموضوع الذي لا يُقال في العلن: “عقدة الصغر”، لكن لا تستعجلوا ! فالعقدة ليست فقط بيولوجية، إنها فلسفية وسيكولوجية وسياسية بامتياز !.

 

في علم النفس التفكيكي (لا أدري إن كان هذا العلم موجوداً، ولكن لا بأس أن ندّعيه لأغراض السخرية)، يُقال إن الإنسان الذي يشعر بالنقص في جانب معين يسعى للتعويض عنه في جوانب أخرى ، وهكذا وُلد رئيس البلدية في تلك البقعة المنسية من حكاياتنا ، مشروع قائد يُخفي خلف ابتسامته البلاستيكية عالماً من القهر الداخلي، كانت أحلامه الكبيرة بصيانة المدينة وصيانة نفسه متقاطعة دائماً مع أزماته النفسية غير المحلولة ، فإذا لم يكن قادراً على تطويل شيء واحد في حياته، قرر أن يطيل من فترة ولايته، بمعنى آخر :لماذا يسعى رفع شعار ترميم الطرقات ؟ لأن الطريق نحو نفسه مليء بالحفر! ولماذا يبني الحدائق السوداء؟ فالزهور في داخله ذابلة أكثر سوادا!.

 

بالتالي ، في قلب كل أزمة سياسية تختبئ أزمة نفسية، ولكن في حالة رئيس البلدية هذا يبدو أن الأزمة أكثر تحديدًا، وأكثر عريًا (معنوياً بالطبع)، “صغر” حجم المنطقة التي لا تطل عليها الشمس ، لم يكن مجرد معلومة بيولوجية بل تحول إلى استعارة فلسفية تحدد كل أفعاله، حيث أصبح هاجسه الأوحد إثبات أنه كبير بما يكفي رغم كل شيء ، ولكن كيف يمكن لكائن يعرف تمام المعرفة حدود حجمه الفيزيائي أن يحيا حياة قائمة على تضخيم ذاته؟ هنا تكمن المأساة الساخرة ! عوضاً عن مواجهة عقدته بشجاعة، اختار طريق السلطة – ذاك المسرح الذي يسمح لأوهام العظمة بأن تحجب عن المرء مرآة الحقيقة !.

 

تنبني المطارحة للفلسفة الوجودية في أنّ الإنسان يُعرّف من خلال أفعاله، لكن ماذا لو كانت كل أفعاله مجرد رد فعل على شعور دائم بالنقص؟ الرئيس هنا  قرر أن يعوض عن صغره بأكبر أشكال البذخ السياسي: مشاريع عشوائية بأسماء رنانة، طلبات السند لا تكتمل، وجسور التخادم  مع الفساد بتركيبة ممزوجة بالوقاحة و الدناءة ! تأملوا، مثلاً، تلك المنضدة و اللوحة الاشهارية على مكتبه الذي قرر وضع اسمه بشكل كبير بكرسي ضخم ، لماذا ؟ لأنه لا يستطيع منح اسمه لشيء أصغر! كان يعرف أن اللافتة التي تحمل اسمه ستكون شاهدة على وجوده، ولو كان ذلك الوجود محض تضليل !.

يبدو أن المشكلة الأساسية لم تكن فقط في سوء الإدارة، بل في شعور دائم بالتهديد، كلما انتقده أحدهم: كان يراه هجوماً شخصياً على “ذكورته السياسية” ولذلك، بدلاً من الرد بعقلانية، كان يطلق مشروعاً وهمياً جديداً ويُحيط نفسه بحاشية من المنافقين بتاريخ زاخر من تراكمات نفسية سوداء عميقة ،  فَهم هؤلاء اللعبة سريعاً: امدحه حتى يصبح صوتك موسيقى في أذنيه، ولا تذكر كلمة “صغر” بأي سياق كان ! .


إذا تسللنا إلى عوالم الميتافيزيقا وقمنا باستنزال روحاني و استدعينا روح “فرويد” فسنجده يهز رأسه مبتسمًا وهو يكتب: “لقد وجدت عقدة أوديب” مكانها في السياسة لأنها تخفي الدستور الخفي ! في اللاوعي السياسي! لرئيس البلدية هذا الذي تخضعونه لعملية جراحية ” مدينته التي تم تعينه بها ! كلها انعكاسًا لرغبته الدفينة في التعويض، أراد أن تكون الشوارع الطويلة صورة لإطالة مجازية لما هو قصير، وأن تصبح أعمدة الإنارة الشاهقة رموزًا لما كان يتمناه يومًا ، لكن ككل مسرحية عبثية، فإن المحاولة تفشل دائمًا: الشوارع الطويلة مليئة بالحفر، والأعمدة تنحني تحت ثقل الإهمال، والمباني التي تخالف كل القوانين تُكمل مهمتها في تمثيل المأساة: الفراغ في الداخل و الصمود !.

 

في علم النفس السياسي (علم اخترعناه للتو كما يبدو)، يُقال إن القادة الذين يأتون إلى السلطة مدفوعين بعقد شخصية ينتهون بإلحاق تلك العقد بمجتمعاتهم
 وهكذا، أصبحت مدينة رئيس البلدية مرآة عاكسة لعالمه الداخلي: فساد ممتد كطرقها المتهالكة، ونقص ينعكس في كل زواياها الضيقة، وعجز يتجلى في وعوده الكاذبة التي لا تنتهي ، والمثير للسخرية أن رئيس البلدية هذا في قرار نفسه، يعلم تماماً أن المشكلة ليست في حجم مدينته أو حجم مشاريعه الوهمية ، بل في حجمه هو! ولذلك، كان شعاره الداخلي غير المعلن: ” إذا لم أستطع أن أكبر، فلأجعل كل شيء حولي يبدو صغيرًا بما يكفي ليشعرني بالعظمة “.

 

وفي كل مرة يهمس حيث يسميها هو خطاب ، الناس يهمسون في سرهم: “هذا الكائن الذي لا يستطيع إدارة حتى مظلة صغيرة، كيف يدير مدينة بأكملها؟ بالفعل ، مدينة هذا الرئيس العزيز باتت مرآة لعقده النفسية، شوارع ضيقة أكثر ، أبنية قصيرة و أخرى طويلة حسب الدفع المسبق ! وأعمدة إنارة تبدو وكأنها مجرد ديكور لمسرحية كوميدية! حتى الأشجار، تلك الكائنات التي تعكس الطبيعة، بدت وكأنها تئن تحت وطأة الصراخ و البكاء ، لكن إذا كان ثمة شيء يدعو للدهشة، فهو قدرته على البقاء! كيف استطاع كائن  بهذا الكم من القصور إدارة مدينة بهذا الكم من المشاكل ؟ ربما لأن النظام السياسي ذاته مبني على عقد نفسية مشابهة !.


هناك فكرة قديمة تقول : “إن الإنسان يصنع العالم وفقًا لصورته” وإذا كانت هذه الصورة مشوهة أو مجزأة، فإن العالم الذي يبنيه سيكون انعكاسًا لذلك التشوه، وهكذا صنع رئيس البلدية مدينته : تصورها صغيرة من حجم حاشيته 
المارقة ،المرتزقة ،متعاطي الممنوعات …على الرغم من أحلامها الكبيرة، وجعلها انعكاسًا حرفيًا لعقدته ، فحتى عندما حاول أن يثبت عكس ذلك، كانت محاولاته أشبه بمحاولة فرد أرجله القصيرة على أريكة طويلة: “الكل يرى الجهد، والكل يضحك على النتيجة ” ؟


في نهاية المطاف، يمكننا القول إن رئيس البلدية هذا ليس إلا انعكاساً للمجتمع الذي أنتجه، إنه نتاج نظام سياسي فاسد يسمح للصغار في كل شيء بأن يعتلوا المناصب الكبيرة، بينما يراقب المسك بتلابيب القرار من بعيد وهم يكتفون بالضحك والتهكم ! لكن بدلاً من ذلك، اختار هذا الرئيس أن يجعلنا جميعًا أسرى لعقدة صغيرة بحجمها، كبيرة بآثارها ، ربما لو واجه عقدته بشجاعة لأصبحت المدينة أكثر اتساعاً وأكثر رحابة ! وهكذا، تستمر الدراما الساخرة: رئيس صغير في كل شيء ! في مدينة أصغر، يحاول إثبات عظمة ليست إلا وهماً في ذهنه، ومأساة في الواقع .

           

 

 

شاهد أيضاً

العدالة تأخذ مجراها في قضية رئيسة جمعية أمان للتنمية المستدامة”

ماروك24ميديا في خطوة تعكس التزام القضاء المغربي بمكافحة الفساد وتبديد المال العام، أصدرت غرفة الجنايات …

إعلان التوبة بين الادعاء والحقيقة: قراءة قانونية في ظاهرة التحول المفاجئ

ماروك24ميديا في الآونة الأخيرة، تصاعد الحديث حول إعلان نوفل موسى، المعروف إعلاميًا بـ”صوفيا طالوني”، توبته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *