بقلم: الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
متابعة: أوتغولت حسن
لو يرى الناس الحياة السليمة بأرواحهم ، و لو يفهموا معاني الحياة الجميلة بعقولهم ، و لو يستشفوا معالم الانجذاب فيها بقلوبهم ، و لو يقدروا روعة الاندماج الكوني بحكمة الخالق و عظمة التناسق فيما وراء الطبيعة و هوله ، لاستشعروا فضل الإنسانية فيها ، و لوجدوا أن كل ما في الحياة جميل بجمال الخالق و رائع اكثر مما نتصور ، فيكونوا بذلك اسعد مخلوقات الله تعالى على وجه البسيطة ، و لترفع عن سفاسف الاشياء التي تشدنا شدا نحو الأسفل .
إن عظمة الوجود الإنساني تكمن في الإدارك القلبي و العقلي لماهية الوجود ، و أهمية الكينونة الوجودية في الأرض ، قال تعالى ” قلنا اهبطوا منها جميعا فإما ياتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل و لا يشقى ” ، فالرسالة المولوية ليست أن نعيش فقط بل أن ندرك ان الحياة اروع و اجمل مما نعي عندما ننظر إلى مقام الوجودية بنظرة اليقين و الإتقان في اساليب و أسباب هذا الوجود ، و عندما تتكالب علينا كل المطبات ، و تتزاخم علينا كل الصعوبات ، فيكاد يأتينا إحباط و قد نقرر فيه الاستسلام لكننا لا نستسلم ، بل نعلم أننا ما جئنا إلى هذا الوجود إلا لنتعلم ، و نتبع العلم اليقيني من خلال العلوم الكونية و الوجودية ، و عندها لن تغلبنا كادورات الدنيا مادام لنا رؤية واضحة في حقيقة الحياة السليمة القويمة ، و مادام هذا العلم اليقيني جعل القلوب و الأرواح تواقة إلى ما عند المولى و معلقة به سبحانه .
إن عظمة الوجود الإنساني أن نحيى الحياة بكل واقعية و نحن نستشرف الاصل في وجودنا حيث الجنان ، و حيث الروعة و البهاء في كل شيء ، فنستشرق الرحمات قداسة من المولى في ترانيمنا المدندنة بالدعاء طلبا لكل شئ حتى المستحيل منه في نظرنا لأنه سبحانه وتعالى ليس عنده مستحيل ، و عندما نحيى الحياة فخرا بأرواحنا ، أقوياء بانفسنا ، و نحن نعلم أن الحياة لن تكون كما نريد دائما لكن في الحقيقة هي رائعة كما يريد من خلق الروعة فيها بكل التفاصيل .
إن عظمة الوجود الإنساني هو أن نعبر الحياة بعين اليقين الخالد و الصادق الذي يعطينا قدرة على التعافي من الإدمان السلبي للتذمر و نكران الجميل ، فنصبح عرضة للعب دور الضحية ، و نعتبر أنفسنا مساكين و مغبونين لأن أمانينا و متمنياتنا لم تتحقق و نفقد اليقين الخالد ، ففاقد الأمل من لا يعرف خبايا الكينونة الوجودية ، و من لا يدرك ذلك العلم اليقيني القائم بذاته في ذواتنا ، و قد تكون هناك أشياء بسيطة و دقيقة نتعلم منها هذا العلم و ننال منها هذا الشرف الإلهي ، فرغم صغرها لكنها تعطي للحياة حياة ، و الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو احق بها
إن عظمة الوجود الإنساني حقيقة في هذه الحياة هو أن ندرك أن الفلك كله و الوجود كله مسخر من المولى سبحانه وتعالى لنا كي نعلم علم اليقين و نرى بعين اليقين انه لم يفت الأوان بعد في أي شى ، بل كل شئ مخلوق بقدر و بحكمة متناهية النظر إلى ادق التفاصيل في هذا الوجود ، لندرك أن الاستخلاف الحقيقي هو أن نعمر الارض بالخير و السلم و الحق و الصدق ، و أن نجعل من رحلتنا في هذه الحياة مسارا خيريا و رحلة منفردة في الوصول إلى المقام المحمود و البلوغ إلى الاتزان الكلي في حضرة الإقبال على الله تعالى ، فنتابع عظمة الوجود بقلوبنا و نأخذ معاني الحكمة الوجودية بعقولنا .