هذه الجملة كنت اسمعها كثيرا في صغري لكن ابدا لم تؤثر في شخصيتي الكثير ك”آمال عكيفي” بالعكس ما طبع شخصيتي هي انسانية وأبوة اصحاب البدلات الزرقاء في ولاية امن عين السبع الحي المحمدي ” الصخور السوداء”..
أتذكر أن والدي كان يصطحبني معه في نهاية الاسبوع إلى مكتبه بدل الذهاب الى حديقة الحيوان أو الملاهي وكنت اتخد لي مكانا في خزانة الارشيف حيث تستهويني الاوارق المكتوبة بالالة الكاتبة وأحاول قراءة الحروف وأنا في سن الخامسة, ولتشجيعي على القرأة من زملاء أبي اشتروا لي عدد من المجلات المصورة للأطفال حتى استمتع بالقرأة. ومع الوقت وجدوا أنه حان الوقت لقرأة قصص ومجلات بالفرنسية فأهدوني مجموعة رائعة من القصص العالمية باللغة الفرنسية.
حين التحقت بالمدرسة العمومية وأنا في سن الخامسة لأسباب معقدة كان علي أن استيقظ في الصباح الباكر واركب سيارة الشرطة ” الصطافيط بصحبة والدي وزملائه ساعة قبل موعد المدرسة فأنزل بجسمي الصغير بصحبتهم كوديعة لحارس المدرسة حتى يأتي موعد دخول التلاميذ والمدرسين وأذكر جيدا كيف كان يعاملني الحارس كصندوق ارساليات وأنا انتظر بجانبه في ايام الشتاء القارس.
في السنة الثالثة ابتدائي كان على الجميع كتابة مهنة الاب فسألت والدي عن مهنته فعلمني كتابة كلمتين ” موظف دولة”!!
لكن مديرة المدرسة لم تكن ممتنة بجوابي واستدعتني الى مكتبها واجرت تحقيقا مطولا لم تخرج منه معي إلا بكلمتين “موظف دولة” !! فبالرغم من صغر سني كان لي ذكاء من نوع خاص وكنت أرفض ان تهين المديرة ذكائي وهي تبحث عن معلومات عن والدي ونتيجة لذلك تعرضت لكم من الاهانت والضرب كرسالة مبعوثة بشكل خاص له.. لكني كنت عنيدة ولم أحكي شيئا عن ما تعرضت له من اضطهاد وتحديت المديرة. ولكنها استطاعت الحصول على رقمه بشكل ما وبدأ الابتتزاز!! مخاالفات مرور, مشاكل مع الجيران, طلبات توظيف, وساطة لاجل مستشفى إلخ إلخ.. والمشكلة أن طلباتها لم تكن تقدم بشكل عادي, فيوميا يتلقى منها مكالمات لاجلها ولاجل اهلها واصدقائها بصيغة الامر مما اضطره لان يرد عليها بشكل قاسي ويتحداها. ولهذا قضيت سنتين من الاضطهاد في المدرسة بالرغم من أني كنت تليمذة متفوقة!!
بعد انتقالنا إلى حي آخر وجدت اصدقاء اخرين لا يعرفون عني شيئا فكان من طبيعي أن اخبرهم ان والدي شرطي.. وللاسف كنت اعامل معاملة البطة السوداء وكأني جاسوسة يمكن ان أنقل أي شيء يقولونه له!! لم يكن أحدهم يعلم أن ذلك الشرطي رباني على اخلاق ومثل من بينها عدم الخيانة والغدر والتعالي واحترام القانون ومن يمثلونه.. فلا أذكر أني ذكرت اسم والدي حين اتعرض لمشكلة بالرغم من أن اسمه كان معروفا بولاية عين السببع الحي المحمدي.!! وكنت أحل مشاكلي دائما بنفسي دون أن يصل خبرها إلى والداي..
بالرغم من أن كل العائلة واصدقائها كانوا يستغلون اسمه في كل مشاكلهم!!
الشيء الذي لا يعلمه الجيمع أن رجل لامن ذاك مثله مثل أي مواطن.. يتلقى راتبا ولديه عائلة ويريد السلام وحسن الخاتمة وأن حياته ليست سهلة كما يظنون.. فأنا لم أذكر يوما قضيته ليلة رأس السنة مع والدي أو صباح عيد أو عطلة بشكل هانئ.. كل المواطنين يتمتعون بعطلهم وإجازاتهم ورجال الامن يستمرون في علمهم في الازقة والشوارع والمكاتب حتى تقضوا اوقاتا ممتعة!!
رجل الامن ذاك يمكن ان يتوسط لك ولأولادك ولكن لن يفعل نفس الشيء لأولاده ويتركهم ليثبتوا ذاتهم بأنفسهم في هذه الحياة!!
سيكون قاسيا أن اذكر هذا.. ولكن أتذكر أحد بنات عمومتي التي اصرت مرارا أن يتوسط لها أبي للنجاح في اختبار الامن الوطني.. وحين فاز اخي بذلك بمجهوده وبدون تذخل من ابي وبالصدفة البحثه. اتهمته بأنه توسط لأبنه وخذلها!!
كل ما أرتفع رجل الامن في رتبته كلما وجد ضغطا عليه من كل اتجاه.. فالكل ينتظرون من رجل القانون الذي جعل ليحفظ القانون أداة ليمسحوا بها جرائمهم الصغيرة ويشبعوا بها رغبتهم في التسلط والعربدة على الاخرين!!
هل فكر أحدكم في رجل الامن ذاك حين تطلبون منه أن يخون ضميره لاجل جرائمكم المعتوهة!! iهل فكر أحدكم في رجل الامن ذاك حين تخرقون القانون وتهدودنه بالاتصال برئيسه ”باش يربيه” لانكم تستمتعون وتجاهرون بخرق القانون بكل وقاحة!!
هل فكرتم في أن لهم عائلة وأبناء يريد منهم أن يكونوا فقط مواطنيين صالحين؟؟!!
ارحموا رجال الامن.. وراعوا حرمتهم.. وتذكروا دائما أن لهم شرفا ايضا يريدوا أن يحافظوا عليه أمام الله الوطن والمواطنين.. فأرجوكم.. أرجوكم… لا تستغلوا طهر بذلتهم لسمسرتكم وعهركم وأمراضكم النفسية!!
الامضاء “بنت الشاف”!!