ماروك24مديا
في مشهد يثير قلق الساكنة والزوار على حد سواء، بدأت بعض المطاعم غير المصنفة داخل المدينة العتيقة لفاس، خاصة بمحيط باب بوجلود والطالعة الصغيرة، في بيع الخمور بشكل علني أو مقنّع، مما أثار موجة من الاستنكار الشعبي والدعوات إلى تفعيل المراقبة الصارمة لحماية الطابع الروحي والثقافي للمدينة.
فاس، العاصمة الروحية للمملكة، لطالما كانت رمزًا للتاريخ والحضارة الإسلامية، ومقصدًا للباحثين عن الأصالة والسكينة. غير أن ما يُلاحظ اليوم هو تحوّل خطير في هوية بعض الفضاءات السياحية التي كانت في الماضي واجهة مشرفة للمأكولات الفاسية التقليدية، فأصبحت اليوم تقدم مشروبات كحولية تحت غطاء “الانفتاح السياحي” أو “حرية الزبون”.
عدد من المواطنين والتجار المحليين عبّروا عن استيائهم من غياب المراقبة من طرف الجهات المعنية، معتبرين أن بيع الخمور في فضاءات غير مرخصة داخل المدينة العتيقة يُعدّ مسًّا بحرمتها التاريخية والدينية، وتشويها لصورتها أمام السائح الأجنبي الذي يقصدها بحثًا عن الأصالة المغربية لا عن التقليد الأعمى لثقافات دخيلة.
وقال أحد الحرفيين في تصريح للجريدة:
> “نحن لسنا ضد السياحة، بل نعيش منها، لكن يجب أن نحافظ على هوية مدينتنا. الخمر لا مكان له بين جدران فاس العتيقة التي شيّدها العلماء والفقهاء، لا باعة الخمر.”
ويطالب الفاعلون المحليون وزارة الداخلية، والمجلس الجماعي، وولاية جهة فاس – مكناس، بضرورة فتح تحقيق عاجل في هذه الممارسات، وتشديد المراقبة على المطاعم غير المصنفة، والتأكد من مدى احترامها للقوانين المنظمة للنشاط السياحي والغذائي داخل المدينة العتيقة.
إن فاس اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تظل وفية لروحها المتجذّرة في التاريخ والعلم والدين، أو أن تنجرّ وراء موجة تجارية مفرغة من الهوية. والمطلوب، كما يؤكد عدد من المثقفين، هو “انفتاح راقٍ ومسؤول” لا يفرّط في القيم، بل يزاوج بين الحداثة والأصالة كما هو شأن المدن التاريخية العريقة في العالم.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: من أعطى الضوء الأخضر لهؤلاء لبيع الخمور في قلب المدينة العتيقة؟
وأين هي لجان المراقبة التي يفترض أن تحمي هذا التراث الإنساني من التشويه التجاري؟
فاس، بكل ما تحمله من رمزية وعمق حضاري، تستحق أن تُصان لا أن تُهان.