google.com, pub-5726207047985757, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار جهوية / ما بعد الزلزال… حين تصرخ الكرامة قبل الجدران

ما بعد الزلزال… حين تصرخ الكرامة قبل الجدران

ماروك24ميديا

لم تكن الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز أمام البرلمان المغربي في الرباط مجرّد تجمّع احتجاجي عابر، بل كانت رسالة اجتماعية وسياسية بليغة تختزل ما يعتلي في نفوس آلاف الأسر التي وجدت نفسها بين ركام منازلها وركام الوعود. لقد خرج الناس لا بحثًا عن مواجهة، بل طلبًا لإنصاف تأخّر أكثر مما ينبغي.

إنّ مشهد المواطنين وهم يقفون بهدوء أمام المؤسسة التشريعية، يحمل في طياته رمزية عميقة؛ فالمكان نفسه هو عنوان السيادة الشعبية، وصوتهم هو امتداد لتلك السيادة التي لا تُختزل في صناديق الاقتراع وحدها، بل في القدرة على مساءلة السياسات العمومية حين تتباطأ في تلبية الحاجات الإنسانية الملحّة.

لقد كان زلزال الحوز كارثة إنسانية بكل المقاييس، لكنه كان أيضًا امتحانًا لمفهوم الدولة الاجتماعية الذي يتصدّر الخطاب الرسمي المغربي منذ سنوات. ولئن أبانت السلطات في الأيام الأولى عن جاهزية كبيرة في الإنقاذ والإغاثة، فإنّ مرحلة ما بعد الكارثة أظهرت تحديًا آخر أكثر عمقًا: كيف نحافظ على ثقة المواطن في الدولة حين تطول فترة الانتظار ويضيع الأمل بين الملفات والإجراءات؟

تسريع الإعمار لا يعني فقط إعادة بناء الحجر، بل إعادة ترميم الإحساس بالعدالة والإنصاف. إنّ كل تأخير في صرف التعويضات أو غموض في معايير الاستفادة يُفهم شعبيًا كعلامة ضعف في التواصل، أو كفجوة بين الخطاب والتنفيذ. وهذه الفجوة، مهما صغرت، قد تتسع إن لم تُدار بالحكمة وسرعة القرار.

الحكومة اليوم أمام فرصة لا اختبار؛ فرصة لإعادة تعريف العلاقة مع المواطن، وإثبات أن المقاربة التشاركية ليست شعارًا بل ممارسة يومية، وأن صوت المتضرر لا يقل أهمية عن رأي الخبير أو المخطط. فبناء الثقة يحتاج إلى وضوح في الأرقام وصدق في المواعيد، قبل أن يحتاج إلى الاسمنت والحجارة.

الوقفة أمام البرلمان ليست تحديًا للدولة، بل تذكيرًا لها بدورها الأبوي والجامع. إنها صرخة في وجه البيروقراطية، ودعوة إلى جعل الكرامة الإنسانية بوصلة لكل قرار إداري. فالمغرب الذي وحّدته مأساة الحوز قادر، إذا أُحسن تدبير هذا الملف، أن يحوّل الألم إلى طاقة بناء جديدة، تكرّس نموذجًا في التضامن والحكامة والمسؤولية المشتركة.

فمن بين الأنقاض، يمكن أن يولد وطن أكثر عدلًا، إذا ما أصغت المؤسسات جيدًا إلى نبض الشارع، واعتبرت أن صوت المواطن المتألم هو أصدق تقارير التنمية على الإطلاق.

بقلم: سيداتي بيدا

شاهد أيضاً

مختل عقلي يمثل دور شرطي المرور ويرعب سكان الستيام بالخميسات.

ماروك24ميديا تحوَّل شارع محمد الخامس بحي الستيام إلى جحيم حقيقي، حيث يُعْيِشُ سكانه رعبًا يوميًا …

المضيق تحتضن الجمع العام التأسيسي للمكتب الجهوي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد

ماروك24ميديا تستعد مدينة المضيق لاحتضان حدث حقوقي هام يتمثل في عقد الجمع العام التأسيسي للمكتب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *