ماروك24ميديا
في مشهد يختزل العلاقة المتوترة بين الشكل والمضمون في السياسة المحلية، انعقدت الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي للخميسات يوم الجمعة 24 أكتوبر 2025، برئاسة السيد حسن ميسور، وبحضور السيد باشا المدينة، وعدد من الأعضاء وممثلي المجتمع المدني والإعلام.
القانون حاضر، لكن الروح غائبة.
والمدينة لا تدار بالنصوص فقط، بل بالعقول التي تفعلها، وبالضمائر التي تحترمها.
من حيث الشكل، التزمت الجلسة بالمساطر، وتمت المصادقة بالإجماع على اتفاقيتين:
الأولى تخص تهيئة شارع محمد الخامس، والثانية تعديل اتفاقية شراكة مع جمعية النادي الملكي للفروسية الأميرة للا أمينة.
قرارات إيجابية على الورق، لكنها تظل ناقصة ما لم تترجم إلى أثر ملموس يغير وجه المدينة وواقع ساكنتها.
وخلال النقاش، عبر النائب الثالث عن تذمره من توقيت انعقاد الدورة، معتبرا أن بعض الأعضاء لديهم التزامات مهنية كالأطباء والمحامين.
وهنا يطرح السؤال نفسه بإلحاح:
– إذا كان المنتخب غير قادر على تخصيص الوقت الكافي لتدبير الشأن المحلي، فلماذا ترشح من الأصل؟
فالمسؤولية الانتخابية ليست هواية تمارس على الهامش، بل التزام وطني وأخلاقي تجاه من وضع ثقته فيهم من المواطنين.
الدفاع عن قضايا الساكنة لا يؤجل ولا يختزل في توقيت مريح، بل هو من أولويات من اختار خدمة الصالح العام.
لكن حرارة النقاش لم تتوقف عند حدود التوقيت؛ إذ راجت داخل القاعة اتهامات مثيرة تتعلق بشبهات فساد إداري وتوظيف بطرق غير شفافة.
اتهامات خطيرة، حتى وإن لم تثبت رسميا بعد، إلا أنها كفيلة بطرح علامات استفهام كبرى حول نزاهة التدبير الإداري ببعض المرافق الجماعية.
وهنا السؤال المشروع:
– هل ستتحرك وزارة الداخلية ومفتشيتها العامة لفتح تحقيق نزيه في هذه الادعاءات؟
– أم ستترك الأمور كعادتها للزمن حتى تذوب الملفات في صمت المكاتب؟
في المقابل، أظهر بعض الأعضاء مستوى راقيا من المسؤولية والنقاش الجاد، دافعوا بحرقة عن قضايا المدينة، وطرحوا ملفات حساسة تتعلق باستغلال بعض الفضاءات العمومية بدون سند قانوني واضح، في إشارة إلى أن هناك من لا يزال يؤمن بأن العمل الجماعي أمانة لا وسيلة.
ويبقى التساؤل مفتوحا أيضا حول دور الرئيس داخل القاعة:
– هل سيتخذ إجراءات حازمة لضبط الإيقاع واحترام النظام الداخلي أثناء الجلسات؟
– أم أن الانضباط سيطبق فقط على ممثلي الجمعيات والمواطنين حين يحاولون التدخل أو طرح تساؤلاتهم المشروعة؟
لقد تحولت القاعة أحيانا إلى ساحة تجاذبات لفظية ومناوشات جانبية، ثم يعود الجميع بعد نهاية الدورة ليجلسوا في نفس الطاولة، يتقاسمون الطعام والمجاملات… في مفارقة عجيبة بين الخلاف في القاعة والابتسامة في الكواليس.
– فهل نحن أمام نضج سياسي أم مجرد مسرح منسق تعاد فصوله في كل دورة؟
إن ما يجري في الخميسات ليس مجرد خلاف عابر، بل صورة مصغرة لأزمة السياسة المحلية بالمغرب:
نقاشات بلا أثر، وقرارات بلا تنزيل، ووعود بلا روح.
ومع ذلك، تبقى هناك قلة من الوجوه الصادقة التي تؤمن بأن الإصلاح يبدأ من الكلمة، ومن الجرأة على قول الحقيقة ولو أغضبت البعض.
– فهل سنرى في قادم الأيام منتخبين يتحركون ميدانيا، ينصتون لنبض الشارع، ويتفقدون أحياء المدينة بدل الاكتفاء بالثناء على مجهودات السيد عامل الإقليم المحترم وحده؟
– هل سنرى الجماعة تواكب هذا النفس الجديد الذي يقوده العامل في جلب الاستثمار والجهات الداعمة لإخراج الخميسات من حالة العبث الإداري والاقتصادي التي تعيشها؟
– هل سنشهد ميلاد مرحلة جديدة تكرم فيها الثقافة والفكر والفن عبر أنشطة حقيقية ودعم منصف للجمعيات التي تستحق، بدل استمرار منطق الولاءات والانتماءات السياسية؟
– ومتى ستتجاوب الجماعة فعلا مع تطلعات الشباب، وتمنح فرص عمل مؤقتة تضمن العدالة والمساواة، بدل توزيعها على أبناء المقربين والمعارف؟
أسئلة تطرق باب الأمل لكنها تصطدم بواقع يحتاج إلى إرادة لا إلى تبرير، إلى قرارات لا إلى لجان مؤقتة، إلى منتخبين يشتغلون في الميدان لا في الصور.
من قلب القاعة، ومن نبض الميدان، يبقى السؤال الأكبر:
هل سنرى تحولا حقيقيا في سلوك الفاعلين المحليين؟
– أم أننا سنظل نعيش الدورات بنفس الإيقاع، حيث ترفع الجلسات قبل أن ترفع التنمية، وتوقع الاتفاقيات قبل أن توقظ المدينة من سباتها الطويل؟
الخميسات تستحق أكثر من الكلمات، تستحق رجالا ونساء يكتبون التاريخ بالأفعال لا بالمحاضر.
— لطيفة بنعاشير – ماروك ميديا
24