ماروك24ميديا
في واقعة صادمة تمس جوهر المهنة الطبية وأخلاقياتها، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالجديدة حكماً قضائياً يقضي بإدانة طبيب يعمل بالمركز الصحي بالوليدية بخمس سنوات سجناً نافذاً، بعد متابعته بجناية “إحداث الإجهاض المؤدي إلى الوفاة، بواسطة الإرشاد إلى وسيلة محظورة قانوناً.”
الحكم، الذي جاء بعد متابعة الطبيب في حالة سراح، يعكس بما لا يدع مجالاً للشك أن العبث بحياة الناس، حتى وإن صدر ممن يفترض فيه حماية الأرواح، لا يمكن أن يمر دون مساءلة صارمة وعقاب رادع.
القضية تتعلق بفتاة شابة قصدت الطبيب لطلب المساعدة، فكان نصيبها أقراصاً طبية وصفت لها خارج أي مسار قانوني أو طبي مشروع، أفضت إلى إجهاض غير قانوني وانتهت بوفاتها.
فأي كارثة أعظم من أن تكون يد الطبيب، التي يفترض أن تُشفي، هي ذاتها التي تُزهق الأرواح؟
الطب ليس مجرد مهنة، بل رسالة تستند إلى قسم شرفي والتزام أخلاقي لا يقبل أنصاف الحلول. والتساهل في قضايا مثل الإجهاض، خارج الإطار القانوني، لا يمكن تبريره بـ”المساعدة” أو “النية الحسنة”، لأن العواقب قد تكون مأساوية، كما حصل في هذه الحالة التي انتهت بفقدان روح بشرية.
ما جرى يُعيد إلى الواجهة سؤالاً مؤرقاً: أين تبدأ حدود المسؤولية الطبية؟
والجواب واضح لا لبس فيه: تبدأ من احترام القانون، وتنتهي بعدم تجاوز الضوابط الأخلاقية والمهنية. فالطبيب الذي يسمح لنفسه بتجاوز القانون، مهما كانت المبررات، يُعرض نفسه للمساءلة الجنائية، كما يُعرض حياة المرضى لمخاطر جسيمة.
الرسالة التي بعثها هذا الحكم القضائي واضحة وصريحة: لا أحد فوق القانون، والمكانة المهنية لا تعفي من المحاسبة.
وقد أحسن القضاء حين تعامل مع القضية بالجدية والصرامة التي تستحقها، وأصدر حكماً رادعاً يتناسب مع جسامة الفعل المرتكب، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه التلاعب بصحة المواطن أو تجاوز حدوده المهنية.
المهنة الطبية لا تحتمل التجاوز، لأنها تتعامل مع أغلى ما يملك الإنسان: حياته.
وكل من يخون الأمانة تحت غطاء “المساعدة” أو “النية الطبية”، إنما يضع نفسه في خانة المجرم، لا المعالج.
فلنصن هذه المهنة النبيلة من أن يسيء إليها بعض من نسوا أن الطب التزام قبل أن يكون اختصاصاً.
بقلم/سيداتي بيدا