ماروك24ميديا
في مدينة المرسى، الواقعة ضمن تراب جهة العيون الساقية الحمراء، حيث تنسج الحياة اليومية خيوطها بصبر الكادحين وبساطة العيش، وقعت حادثة مؤلمة تهزّ الضمير قبل أن تمسّ الجيب أو الحسابات البنكية. ضحيتها امرأة بسيطة، اعتادت أن تُطعم جيرانها خبزًا ساخنًا من عرق جبينها، فإذا بها تقع فريسة نصب واحتيال في مؤسسة يُفترض أنها مرخصة لحفظ الأموال لا لنهبها.
القصة بدأت بإيداعات مالية كانت تقوم بها السيدة بانتظام داخل وكالة لتحويل الأموال. دفعت الثقة المطلقة في القائمين على الوكالة، وقلة الإلمام بالإجراءات الرسمية، إلى تسليم الأموال يدويًا دون المطالبة المتكررة بوثائق رسمية. لكن عندما طالبت باسترجاع مدخراتها، مستندة إلى ما تملكه من إثباتات، قوبلت بالإنكار، ثم بالترويع، فالتهديد.
بدل أن تسعى الوكالة إلى التحقق أو مراجعة بياناتها، لجأ مسؤولوها إلى أسلوب التضييق والترهيب، واتهموا السيدة زورًا بـ”الإساءة لسمعة المؤسسة”، في محاولة لتكميم فم الضحية وتحويلها إلى جلاد، في مشهد يتكرر كثيرًا حين يغيب القانون وتُرفع يد الرقابة.
هذه الواقعة المؤسفة تفتح الباب مجددًا لطرح أسئلة مشروعة:
أين الرقابة على الوكالات المالية الخاصة؟
وما دور بنك المغرب في ضبط نشاط هذه المؤسسات التي تتعامل يوميًا مع أموال الفئات الهشة؟
ثم، إلى متى سيبقى المواطن البسيط الحلقة الأضعف في معادلة تغيب عنها الشفافية والمحاسبة؟
إن ما حدث ليس مجرد “خلاف مالي”، بل هو انتهاك صارخ لثقة عامة، وإساءة لسمعة قطاع بأكمله، يهدد بتقويض أسس الاستقرار الاجتماعي حين يشعر المواطن أن لا جهة تحميه، ولا عدالة تُنصفه.
إن السكوت عن مثل هذه الممارسات يمثل تواطؤًا ضمنيًا، ويشجع على مزيد من الفوضى المالية. ومن هذا المنبر، نطالب بفتح تحقيق شفاف وعاجل، مع محاسبة المتورطين، ووضع إطار قانوني أكثر صرامة لمراقبة هذه المؤسسات، حمايةً لكرامة المواطن، وصونًا لما تبقى من ثقة في النظام المالي.
إنها صرخة خبز وكرامة… لا يجب أن تُقابل بالصمت.
بقلم: سيداتي بيدا