متابعة/ماروك24مديا
تحرير ومتابعة/ سيداتي بيدا
التبرع بالدم قيمة إنسانية نبيلة ورسالة إنقاذية لا يختلف اثنان على أهميتها، غير أن الواقع داخل مركز تحاقن الدم بمراكش يكشف عن مشهد صادم، حيث تتحول العملية الإنسانية إلى تجربة محبطة، بل ومهدِّدة أحيانًا لسلامة المتبرع قبل المستفيد.
أحد المتطوعين استجاب لنداء إنساني لإنقاذ مريض مصاب بحروق خطيرة، فتوّجه إلى المركز بثقة وحسن نية، لكنه اصطدم منذ اللحظة الأولى ببيروقراطية خانقة وتعامل يفتقد إلى الحد الأدنى من الاحترام. التعامل داخل المركز أظهر تجاهلًا لحقوق المتبرعين وغياب التواصل المناسب، وهو ما أثّر سلبًا على تجربة التبرع.
وعند العودة مجددًا إلى المركز، ظهرت مشكلة أكبر تتعلق بمعايير التعقيم والنظافة. الكراسي التي يجلس عليها المتبرعون تُستعمل بشكل متكرر دون تعقيم أو أغطية وقائية، وبعضها يحتاج إلى صيانة، كما ظهرت بقع دم على بعضها. الممرضون يستخدمون القفازات دون تغييرها عند تبديل المتبرع، حتى ينبه بها المتبرع، كما تُستعمل القفازات والقطن من علبة واحدة مشتركة لجميع المتبرعين، في خرق صارخ لكل معايير السلامة. النفايات الطبية تُلقى في حاويات مفتوحة توضع أمام كراسي المتبرعين، مما يحول القاعة إلى بؤرة محتملة لانتقال العدوى.
الأخطاء الإدارية أيضًا واضحة، فقد وقع خطأ في اسم أحد المتبرعين، وعند محاولة تصحيحه لم تُعطَ الأولوية اللازمة، وكأن دقة المعلومات مسألة ثانوية، ما يعكس تجاهلًا للمعايير الإدارية الضرورية لضمان سلامة الدم ومتابعة المتبرعين. الضغط لتحقيق هدف يومي محدد من المتبرعين، وهو 200 متبرع، دون مراعاة جودة الإجراءات الطبية، يزيد من خطورة الوضع ويعرض سلامة الجميع للخطر.
القانون المغربي رقم 03.94 يوضح بجلاء أن التبرع بالدم مجاني، ويُلزم مراكز التحاقن باتباع معايير صارمة للحفاظ على سلامة المتبرعين والمستفيدين. ما لوحظ في مركز الدم بمراكش يمثل خروقات لهذا القانون، ويشمل استخدام أدوات مشتركة بين المتبرعين، عدم تعقيم الكراسي والأدوات، والتخلص غير الآمن من النفايات الطبية، بالإضافة إلى الإهمال الإداري وضغط الأهداف الكمية على حساب السلامة.
المتبرع لا يطلب مقابلًا، بل يمنح من جسده لإنقاذ الآخرين، ومن حقه أن يجد بيئة تحترم تضحياته وتضمن سلامته. استمرار هذه الممارسات يهدد الثقة في عملية التبرع برمتها، ويعرض صحة المتبرعين والمستفيدين للخطر. الإصلاح ليس خيارًا، بل ضرورة عاجلة تبدأ بتشديد الرقابة، وتوفير بيئة صحية آمنة، وتكوين الأطر على مهارات التواصل واحترام الإنسان.
التبرع بالدم ليس رقمًا يُضاف إلى حصيلة يومية، بل حياة تُمنح لإنسان ينتظر الأمل، ومن حق كل متبرع أن يحصل على بيئة آمنة تحميه وتحترم تضحياته، حتى ولو منع المركز تصوير هذه الوقائع؛ فالحقائق التي تمت مشاهدتها كافية لتسليط الضوء على الخروقات والعمل على إصلاحها.
تحرير ومتابعة/ سيداتي بيدا