المعامل السرية في فاس.. قنابل موقوتة وسط الأحياء السكنية

متابعة/ماروك24ميديا

إلى متى ستظل ساكنة فاس تعيش تحت رحمة التهميش والفوضى؟ سؤال يتجدد كل مرة تكشف فيها الوقائع عن حجم الكارثة المرتبطة بانتشار المعامل السرية التي تستغل الصناع التقليديين في ظروف غير إنسانية ولا قانونية.

هذه الوحدات العشوائية، المنتشرة في أحياء مثل سهبة الورد، سيدي بوجيدة، دوار ريافة والجنانات، لا تلتزم بأي شروط للشغل ولا تحترم حقوق العمال، بل تحولهم إلى أيدي عاملة رخيصة، محرومة من التأمين والتعويضات والحد الأدنى للأجور.

وليس الخطر محصورًا في انتهاك القوانين الاجتماعية فحسب، بل يتعداه إلى تهديد سلامة الساكنة. فقد سبق أن سجلت حوادث مأساوية في فاس ومدن أخرى، منها انفجارات وحرائق داخل معامل سرية غير مرخصة، راح ضحيتها عمال أبرياء كانوا يشتغلون في ظروف محفوفة بالمخاطر. ولعل حادثة طنجة سنة 2021 التي أودت بحياة أزيد من 28 عاملاً داخل ورشة سرية للنسيج، تظل مثالاً صارخاً على حجم الكارثة التي يمكن أن تقع في أي لحظة داخل أحياء فاس.

إضافة إلى ذلك، فإن هذه المعامل تمثل نزيفًا للاقتصاد الوطني، حيث يتهرب أصحابها من الضرائب ويضربون الصناعة الوطنية في العمق، مما يهدد إفلاس المقاولات النظامية التي تلتزم بالقانون وتؤدي ما عليها من واجبات.

ورغم شكايات الساكنة المتكررة، لا تزال الظاهرة تتمدد وسط صمت مريب، يطرح أكثر من علامة استفهام حول دور السلطات المحلية والجهات الوصية. فهل المطلوب انتظار وقوع كارثة جديدة حتى تتحرك الأجهزة المسؤولة؟

إن واقع الحال يؤكد أن معالجة هذه الآفة لم يعد يحتمل التأجيل. فالمعامل السرية ليست مجرد مخالفات إدارية، بل قنابل موقوتة تهدد حياة العمال وسلامة السكان، وتستنزف الاقتصاد الوطني في وضح النهار.