متابعة/ماروك24ميديا
تشهد الأسواق المغربية، في الآونة الأخيرة، موجة غير مسبوقة من حجز الدراجات النارية الصينية، بدعوى عدم مطابقتها للمعايير الميكانيكية المعتمدة، وهو ما خلق حالة من الذهول والصدمة لدى شريحة واسعة من المستهلكين الذين وجدوا أنفسهم متهمين بشكل غير مباشر، بل ومعاقَبين على ذنب لم يرتكبوه.
في الواقع، الإشكالية الحقيقية لا تكمن في المستهلك الذي اشترى الدراجة النارية بحسن نية، وإنما في حلقات الاستيراد والتعديل والتوزيع، حيث تشير العديد من المصادر إلى أن عدداً من هذه الدراجات يتم تعديلها إما في بلد المنشأ أو داخل المستودعات التابعة للمستوردين المحليين، مما يؤدي إلى تغيير خصائصها التقنية ورفع أسعارها بشكل غير مبرر، بل ومخالف للقوانين الجاري بها العمل.
بدلاً من فتح تحقيق قضائي وتقني شفاف مع المستوردين الذين أدخلوا هذه الدراجات إلى التراب الوطني، واختبروا التعديلات عليها قبل تسويقها، تم التوجه إلى معاقبة المستهلكين البسطاء من خلال حجز دراجاتهم دون سابق إنذار، أو دون تبيان الأسباب الحقيقية بشكل قانوني وواضح.
هذا التوجه لا يُعد فقط انتهاكًا لحقوق المستهلك وحرية اقتناء وسائل النقل، بل هو أيضًا تغاضٍ خطير عن مصدر المشكلة الحقيقي، أي الجهات المستوردة التي من المفروض أن تخضع لرقابة صارمة ومحاسبة دقيقة على كل ما يتم إدخاله إلى السوق.
ضرورة مساءلة من استورد وعدّل.. لا من اشترى!
إن معاقبة الضحية بدل الجاني يُمثل انزلاقًا قانونيًا وأخلاقيًا، يجب أن تتدخل فيه الجهات القضائية والتقنية المعنية، عبر:
فتح تحقيق معمق مع الشركات والمستوردين المتورطين في تعديل هذه الدراجات أو استيرادها بمعايير غير مطابقة.
إجراء خبرات تقنية مستقلة لتحديد أماكن التعديل وتوقيته، وهل تم داخل البلاد أو في بلد المنشأ.
وقف عملية الحجز العشوائي للدراجات التي تم شراؤها بطريقة قانونية، مع تقديم تفسيرات واضحة للمواطنين.
كشفت مصادر تقنية وإعلامية مؤخرًا أن العديد من هذه الدراجات يتم الإعلان عنها زورًا على أنها ذات سعة 49cc، بينما تتجاوز السعة الحقيقية 110cc أو أكثر، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام مشاكل خطيرة
هذا النوع من التزوير الممنهج في الخصائص التقنية يُعد بمثابة نصب واضح على المستهلك، ويستلزم تدخلاً قضائيًا عاجلاً لمحاسبة من يقوم بهذه الممارسات في حق الاقتصاد والمجتمع.
يطالب العديد من المتضررين اليوم بفتح تحقيق شفاف ومستقل، ورد الاعتبار لكل من وجد نفسه ضحية نصب أو تلاعب تجاري، ويشددون على أن ردع الإشكالية يجب أن يتم من المنبع، لا بعد وقوع الضرر، لأن الحجز بعد الشراء هو في حقيقته عقابٌ على التقصير الإداري والرقابي من طرف السلطات المعنية، وليس فقط على خرق افتراضي في المعايير.
قضية الدراجات النارية الصينية تتطلب وقفة حقيقية، ليس فقط لمعالجة الخلل، بل لضمان حماية المستهلك وفرض المحاسبة على من يستحقها. فليس من العدالة أن يُحاسَب المشتري بدل المستورد، وأن تُعالج النتائج دون مواجهة الأسباب الجذرية.
Soujaa.a