متابعة/ماروك24مديا
نحرير ومتابعة سيداتي بيدا
في عالم الطرقات، هناك قواعد لا تُناقش، وهناك مطبات سرعة تحرس السير كما لو كانت حراس العرين. في “أولاد عامر”، إقليم اليوسفية، حيث تمر الشاحنات الثقيلة محملة بالفوسفاط ببطء لا يقل عن سرعة سلحفاة متفردة، تستقبلنا سدود أمنية «مبجلة» تبدو وكأنها في مسابقة لأكثر حراس الطريق شغفًا.
هنا، لا يمكن أن تُعبر دون أن تتعرف على أبطالنا من الدرك الملكي الذين، بنوايا صادقة، يسهرون على أمن الطريق ويحرصون على سلامة الجميع، إلا أنهم قد يبدون في بعض الأحيان متحمسين جدًا في تطبيق القوانين، حتى إنهم لا يتركون فرصة إلا ويستغلونها لتحويل رحلة بسيطة إلى مغامرة تحوي فحوصات دقيقة للبطاقات الرمادية ورخص السياقة، وكأنهم يدرسون موسوعة «فن التجاوز» ويبحثون عن المخالفات التي لم تخطر على بال أحد.
الأمر المضحك أن الطريق مزدان بأربع مطبات سرعة تُذكّر السائقين بأن «السرعة قاتلة»… أو ربما «قاتلة للصبر». وفي ظل هذه الأجواء، يصبح التجاوز فعلًا مهددًا بـ«الموت» (الإداري طبعًا)، فتحرير مخالفة «التجاوز في منطقة ممنوعة» يصبح هواية لمحبّي التوقيع بالأحمر على المخالفات.
الأغرب، وأنت تراقب هذه السيناريوهات، أن الدركي غالبًا ما يُفضّل التمركز بعيدًا عن موقع السد، ربما لأنه يفضل أن يشاهد الفعالية من بعيد، وكأنها مسرحية يحضرها مع الجمهور، مما يترك أمر تحرير المخالفات لمشاهدين مجهولين يُكتبون التاريخ بالحبر الأحمر بعيدًا عن الأنظار.
أما التفاعل مع المواطنين، فهو درس في فن الصبر، حيث قد يصادف البعض ردود فعل تتفاوت في التعبير عن الموقف، مع الإشارة إلى أن جميع الأطراف تستحق الاحترام، وأن الهدف الأسمى هو تحقيق الانضباط والأمان على الطريق.
بالرغم من كل ذلك، تبقى الدركية علامة احترام، من حيث الانضباط وروح الخدمة، فكما يقال «عندما يجتمع الجدي مع الفكاهي، يولد الأمن». لكن ربما حان الوقت لأن تعيد هذه السدود تعريف مفهوم «الضبط» ليشمل بعض المرونة، ولتعطي السائقين فرصة لتجاوز المطبات… بدون تجاوز الحدود.
وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة لهؤلاء الحراس الذين يجعلون من رحلة بسيطة ذكرى لا تُنسى، حيث يصبح الطريق مسرحًا للتحديات اللطيفة بين سرعة السلحفاة وحزم رجال الأمن، مع دعوة صادقة إلى أن يكون الأمن دائمًا في خدمة المواطن، لا العكس، كي يبقى الجميع سعداء ومطمئنين في نفس الوقت.