متابعة/ماروك24ميديا
في مدينة الخميسات، حيث تغيب العديد من التخصصات الطبية الحيوية، لا تزال النساء يواجهن بنوع آخر من الإقصاء داخل المؤسسات الصحية، ليس فقط في غياب العلاج، بل في غياب أبسط الحقوق: الخصوصية والاحترام.
القصة حقيقية ومؤلمة.
مواطنة تعرضت لحملة تشهير شنيعة على وسائل التواصل الاجتماعي. طالت كرامتها، سمعتها، وصورتها. تدهورت حالتها النفسية بشكل مفاجئ، فسقطت أرضا، وأُصيبت بكدمات جسدية، واضطرابات حادة في الجهاز العصبي.
ليلا، لم تجد في المدينة طبيبة مختصة في الصحة النفسية، فاختارت اللجوء إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي بالخميسات على أمل أن تجد من ينصت لها، من ينقذ ما يمكن إنقاذه.
لكن المفاجأة كانت داخل غرفة الكشف.
وجدت طبيبة تستقبلها، رفقة موظفة إدارية لا علاقة لها بالوضع الطبي. طلبت المواطنة – بأدب – أن تمنح لحظة من الخصوصية حتى تبوح بألمها، لكن الموظفة رفضت الخروج بدعوى أنها تشتغل هنا. أما الطبيبة، فاختارت الصمت.
لم تدافع عن حق المريضة في الانفراد الطبي. لم تكلف نفسها عناء توفير جو سري أو إنساني للفحص.
فغادرت المريضة بصمت، دون تشخيص، دون احتواء… وبجرح جديد.
ما وقع ليس حادثا عابرا، بل يعبر عن اختلال واضح في فهم وظيفة المستشفى كمؤسسة للرعاية، لا للرقابة.
الخصوصية ليست تفضلا، بل حق قانوني منصوص عليه في الفصل 458 من القانون الجنائي المغربي، والذي يعاقب على إفشاء أو تعريض السر المهني للانتهاك.
كما أن مدونة أخلاقيات الطب تلزم الأطر الصحية باحترام المسافة المهنية وسرية الفحص، خصوصا في حالات الهشاشة النفسية.
في قسم المستعجلات بالخميسات، لا خصوصية، لا خصوصية للمرأة حتى وهي منهارة، لا إنصات، لا عناية… بل مشهد إداري جاف يكرس اللامبالاة، ويضاعف الألم.
حتى لا يظل الكلام في دائرة الاحتجاج فقط، إليكم مجموعة من الحلول الواقعية القابلة للتفعيل:
1. إحداث ركن نفسي داخل المستعجلات: فضاء بسيط وآمن تنقل إليه الحالات النفسية ليلا، يجهز لتهيئة الحد الأدنى من الخصوصية.
2. إصدار مذكرة داخلية ملزمة: تمنع تواجد أي شخص غير معني بالفحص في غرف الكشف، حماية للسرية والكرامة.
3. تنظيم تكوينات مستمرة: في الإنصات المهني والتعامل مع حالات الانهيار العصبي، تشمل الأطباء والممرضين والموظفين الإداريين.
4. توفير خط مباشر للمواكبة النفسية عن بعد: في ظل غياب الأطر النفسية الليلية، يمكن اللجوء لحل عملي وهو دعم عبر الهاتف أو الفيديو من طرف أخصائيين مداومين.
5. خلق شراكات مع جمعيات نفسية وحقوقية: لتأطير العاملين من جهة، ولمواكبة بعض الحالات ميدانيا من جهة أخرى، خصوصا النساء ضحايا العنف الرقمي والتشهير.
ما جرى ليس مجرد إهمال تقني، بل عنف مؤسساتي ناعم يطال النساء في لحظات ضعفهن.
الخميسات ليست مدينة هامش، وسكانها لا يطلبون امتيازات، فقط احتراما وإنسانية.
مواطنة في حالة انهيار نفسي لا يجب أن تواجه باللامبالاة، ولا أن تغادر دون إنصات، ولا أن تعامل كملف إداري بلا روح.
الكرامة، خصوصا في المجال الصحي، ليست مطلبا ثانويا.
هي جوهر كل علاج. وإذا سقطت الكرامة… سقط كل شيء.
بقلم لطيفة بنعاشير
#الخميسات #الصحة_النفسية_حق #خصوصية_المريض
#نساء_لا_يسكتن