متابعة/ماروك24مديا
بعد أسابيع من الصمت المقلق الذي تلا الهجوم السيبراني الذي طال منصة “توثيق+” المخصصة للموثقين بالمغرب، أعلن المجلس الوطني لهيئة الموثقين عن استعادة النظام الإلكتروني لكامل وظائفه، وسط دعوات متزايدة للحكومة المغربية لوضع خطة وطنية شاملة لتعزيز الأمن الرقمي، وحماية المؤسسات من اختراقات باتت تتكرر بشكل مقلق.
الاختراق، الذي وُصف بالخطير، وقع في 2 يونيو 2025، وأدى إلى تعليق مؤقت للمنصة التي تشكل ركيزة أساسية في مسار الرقمنة الذي اعتمدته مهنة التوثيق خلال السنوات الأخيرة. وقد كشفت تسريبات إعلامية عن تداول أكثر من 700 حساب لموثقين مغاربة على شبكات “الدارك ويب”، مما أثار مخاوف واسعة حول مصير البيانات الحساسة المتعلقة بآلاف المعاملات العقارية والقانونية.
في مواجهة هذا الوضع، تحرك المجلس الوطني لهيئة الموثقين، الذي يشهد قيادة جديدة برئاسة الأستاذ عادل البطار، ليقود سلسلة من اللقاءات الطارئة مع عدة مؤسسات حكومية، منها وزارة العدل، الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، وصندوق الإيداع والتدبير. ووفقًا لبلاغ رسمي، تم التوصل إلى حزمة من الإجراءات التقنية في ظرف قياسي لم يتجاوز 48 ساعة، أفضت إلى إعادة تشغيل المنصة بشكل آمن وفعال.
ورغم الترحيب بعودة “توثيق+” إلى الخدمة، فإن هذا الحدث أعاد إلى الواجهة سؤالًا مؤرقًا: إلى متى ستبقى البنيات الرقمية الحساسة في المغرب عرضة للاختراقات، في ظل غياب استراتيجية أمن سيبراني واضحة على المستوى الوطني؟
في هذا السياق، يطالب عدد من المهنيين والخبراء في المجال الرقمي الحكومة بوضع خارطة طريق دقيقة وعاجلة لتحصين الأنظمة الإلكترونية للدولة، خاصة تلك التي تدير معطيات المواطنين والمؤسسات المالية والقضائية. فالتحول الرقمي، مهما كانت ضرورته، لا يمكن أن ينجح دون منظومة حماية معلوماتية متينة تواكب التطور التكنولوجي وتتصدى للهجمات الإلكترونية المتزايدة.
كما يرى فاعلون في القطاع القانوني أن الحادثة الأخيرة يجب أن تكون جرس إنذار حقيقي، لا مجرد سحابة عابرة. فالثقة في الرقمنة لن تُبنى إلا إذا ضمنت الدولة المغربية، بمؤسساتها كافة، حصانة سيبرانية صارمة وشراكات مع خبراء الأمن المعلوماتي محليًا ودوليًا.
وفي انتظار الكشف عن نتائج التحقيق الكامل في حادثة اختراق “توثيق+”، يبقى الأمل معقودًا على تحرك حكومي جدي، لا يُكتفى فيه بالترقيع، بل يؤسس لمنظومة أمن رقمي متكاملة تحفظ كرامة المؤسسات وتصون حقوق المواطنين في العصر الرقمي.
Soujaa.a