متابعة/ماروك24ميديا
في خطوة أقل ما يُقال عنها إنها مثيرة للجدل، أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مذكرة رسمية (عدد 356/25 بتاريخ 15 ماي 2025) تدعو إلى تنظيم دورة تكوينية لفائدة أساتذة التربية البدنية لتدريس رياضتي “الهيب هوب” و”الباركور”، بشراكة مع الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والرشاقة البدنية.
من حيث الشكل، قد يبدو الانفتاح على أنماط رياضية شبابية جديدة أمرًا إيجابيًا، لكن من حيث المضمون والسياق، تطرح هذه المبادرة أكثر من علامة استفهام. فهل أصبح تعليمنا العمومي يعيش فراغًا في الأولويات إلى حد استيراد خبراء أجانب (كما جاء في المذكرة: طوماس راميريس) لتلقين أساتذتنا تقنيات الرقص الحضري والقفز فوق الجدران؟ وهل تمت استشارة مجالس المؤسسات التربوية أو الفاعلين التربويين قبل الزج بهذه “الأنشطة” داخل حجرة الدرس؟
إن الرياضة المدرسية، كما يعرفها الجميع، رافعة أساسية لتربية الأجيال على قيم الانضباط والتعاون، وصحة الجسم والعقل. غير أن إدخال “الهيب هوب” في غياب تأطير بيداغوجي واضح، وبدون استراتيجية علمية تراعي الخصوصيات الثقافية والتربوية للمؤسسة التعليمية المغربية، قد يكرس طابع الفُرْجَة على حساب التربية.
ثم ألا يجدر بوزارة التعليم أن تُولي أولويتها لإصلاح البنيات التحتية المتهالكة للمؤسسات، وتوفير أطر تعليمية كافية، وتجهيز قاعات الرياضة بمعدات أساسية؟ أم أن الأسهل هو تلميع الصورة الخارجية عبر شعارات براقة مثل “الهيب هوب في المدرسة” و”الباركور في القسم”؟
لسنا ضد التجديد والانفتاح، ولكننا ضد القرارات الارتجالية التي تستهين بعقل التلميذ وبكرامة المدرسة العمومية. فالمطلوب اليوم ليس تزيين الجدران بحركات بهلوانية، بل بناء منظومة تربوية متوازنة تحترم الهوية وتستثمر في الكفاءات.
فلنُذَكِّر المسؤولين بأن الرقص ليس بديلًا عن التفكير، وأن القفز فوق الأسطح لا يُغني عن القفز على عراقيل الأمية والهدر المدرسي.
احمد سجاع