متابعة/ماروك24ميديا
في زمن يُفترض فيه أن يُحتفى بالاختلاف وتُحمى الحريات، تلقّت النائبة الفرنسية المغربية حنان المنصوري رسالة تهديد بالقتل مشحونة بالكراهية والتمييز العنصري، كتب فيها الجبان: “Fais attention aux Algériens de France. Et le bonjour de Samuel Paty” – “انتبهي للجزائريين في فرنسا، وتحياتي من صموئيل باتي”. رسالة تُعيد إلى الواجهة أوجاع الازدواجية والمعايير العنصرية التي ما تزال تعشش في زوايا السياسة والمجتمع الأوروبي.
حنان المنصوري، النائبة الشابة التي لم يتجاوز عمرها 23 سنة، صعدت بسرعة إلى المشهد السياسي الفرنسي، حيث انتُخبت في يوليوز 2024 عن الدائرة الثامنة في إيزير، ممثلة لتحالف جمع بين حزبي الجمهوريين (LR) والتجمع الوطني (RN). هذا التحالف، رغم ما يثيره من جدل، لم يمنع المنصوري من أن تعبّر بقوة عن مواقفها تجاه قضايا تعتبرها وطنية، ومنها الدفاع الصريح عن مغربية الصحراء، وفضح نفاق الخطاب السياسي الفرنسي الرسمي الذي يتغاضى عن استفزازات النظام الجزائري.
ورغم حداثة عهدها في السياسة، أبانت حنان عن جرأة واضحة في مواجهة النفاق السياسي، فصرحت قبل أسابيع: “البعض هنا يحارب النظام الجزائري بمسدس ماء، بينما هم يهاجموننا بقاذفة صواريخ”، وبهذا تكون قد كسرت حاجز الصمت الذي يكتنف علاقة فرنسا بالجزائر.
حنان المنصوري تنحدر من أصول مغربية، وتحديداً من مدينة وجدة، على الحدود الشرقية مع الجزائر، وهي مدينة تجري في عروقها حرارة الجغرافيا وقضايا الأمة. تنتمي إلى عائلة بسيطة، والدها مهاجر مغربي استقر في فرنسا منذ سنوات، وهي ثمرة ذلك الحلم الذي راود جيلاً كاملاً من المغاربة في المهجر. وها هي اليوم تردّ التحية لمغربها الأصلي، ليس بالبذلة التقليدية ولا بالحنين، بل بالموقف الشجاع والرسالة الواضحة.
الرسالة التهديدية، التي نشرتها على حسابها بمنصة “X”، لم ترعبها. بل ردّت عليها بالقول:
“لن ترعبوني. سأواصل الدفاع عن مصالح فرنسا”.
كما قدّمت شكاية رسمية للسلطات الفرنسية. وهي خطوة نُحيّيها، وندعو إلى دعمها بكل الوسائل السياسية والإعلامية.
من المغرب، ومن قلب فاس العتيقة، نُعلن تضامننا مع هذه الشابة التي تُشرّف بلدها الأم ومغاربة العالم.
وندين بشدة هذا الفعل الجبان الذي يُهدد نائبة منتخبة فقط لأنها لا تُخفي جذورها، ولا تُجامل على حساب وطنها الأول.
إننا نطالب السلطات الفرنسية بفتح تحقيق جدي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية السيدة المنصوري، ووضع حد لكل الأصوات التي تُهدد التعايش.
فالسياسة لا تُمارس بالتهديد، وإنما بالحجة. والمواطنة لا تُلغى بالأصل، بل تزداد قوة بالاعتزاز بالهوية.
سوجاع أحمد
فاس، المغرب
الجمعة 16 ماي 2025