متابعة/ماروك24مديا
في زمن الصورة السريعة والمعلومة غير الموثقة، تعيش مدينة فاس العريقة على وقع حملة رقمية ممنهجة، تقودها صفحات وليدة، مجهولة الهوية، تتسلل إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتبث مقاطع فيديو قديمة أو من مدن أخرى، مدعيةً أنها توثق لحظات انفلات أمني في العاصمة العلمية.
ما يثير القلق في هذه الظاهرة ليس فقط محتوى هذه المواد، وإنما توقيت ظهورها وطبيعة الجهات التي تقف وراءها. فبينما تعمل السلطات الأمنية على قدم وساق، خاصة خلال شهر رمضان، لضمان سلامة المواطنين وتطويق الجريمة في مهدها، تظهر هذه الصفحات فجأة لتبخس العمل الجاد، وتزرع الشك في النفوس، وتعيد إنتاج خطاب التشكيك والتعميم المجحف.
المتتبع لهذه المواد يلاحظ غياب أي معطى دقيق: لا تاريخ، لا موقع موثوق، ولا سياق محدد. فقط عنوان صادم، وفيديو مشوش، وتعليقات تُشعل نار البلبلة. ومن الواضح أن هدفها ليس تنوير الرأي العام أو المساهمة في تحسين الواقع، بل تسويق صورة سوداوية عن فاس وأمنها، خدمةً لأجندات خفية.
ورغم يقظة العديد من الفاعلين المحليين والإعلاميين، فإن التأثير السلبي لهذه الحملات لا يُستهان به، خاصة في ظل ضعف الوعي الرقمي لدى فئة من المتلقين، الذين يتعاملون مع كل ما يُنشر على الإنترنت وكأنه حقيقة مُطلقة.
اليوم، تقع على عاتق الجميع مسؤولية التصدي لهذا الغزو الرقمي، من خلال التبليغ عن الصفحات المشبوهة، وتعزيز الثقة بالمصادر الرسمية، ونشر الوعي الرقمي في الأوساط الشبابية. كما أن الجهات المختصة مدعوة أكثر من أي وقت مضى لتتبع مصادر هذه الحملات، وتحديد من يقف خلفها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية.
ففاس ليست مدينة مُستباحة افتراضياً، ولن يسمح أهلها ولا محبوها بأن تتحول إلى مادة سهلة في يد من يسعون لبث الفوضى باسم “حرية النشر “.
Soujaa.a