دراجات الموت”.. حين تتحول لحظات التهور إلى فواجع في شوارع فاس

متابعة/ماروك24ميديا

فاس – سوجاع أحمد
تشهد مدينة فاس في الآونة الأخيرة تزايدًا مقلقًا في حوادث السير، خاصة تلك المرتبطة بالدراجات النارية. هذه المركبات، التي يفترض أن تكون وسيلة نقل سريعة وآمنة، باتت تتحول في أيدي بعض الشباب إلى أدوات للمجازفة والتهور، تؤدي في كثير من الأحيان إلى فواجع إنسانية مؤلمة، تزهق أرواحًا في ريعان الشباب وتُيَتِّم أُسَرًا بأكملها.

حادثة مأساوية أخرى اهتزت لها المدينة، كانت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر، فارقت الحياة إثر اصطدام دراجة نارية بها، في لحظة لم تكن في الحسبان. تكرار مثل هذه الحوادث يدفعنا للتوقف والتساؤل: إلى متى سيبقى التهور على الطرقات هو العنوان الأبرز؟ وهل أصبحت شوارعنا ميادين لتفريغ نزوات مراهقين لا يقدّرون عواقب أفعالهم؟

في قلب المدينة العتيقة، وبين أزقتها الضيقة، بات من المعتاد رؤية شباب يقودون دراجاتهم بسرعة مفرطة، دون احترام لقوانين السير أو لمشاعر المارة. يتباهى بعضهم بحركات بهلوانية، وبالسرعة المجنونة التي لا تليق إلا بسيناريوهات أفلام الحركة. يغيب الوعي، وتحضر الزعامة الزائفة، وفي النهاية… يكتب القدر فصولًا من الحزن والموت.

والمؤسف أن هذا السلوك لا يقتصر على الذكور فقط، بل أصبح مشهدًا مألوفًا أيضًا لفتيات يتسابقن على دراجات نارية، يُعرضن أنفسهن ومرافقيهن للخطر، وسط ضحك وتصوير وكأننا في مشهد “تريند” جديد. غابت المسؤولية، وحضرت ثقافة “الكابرا” و”الفرجة”، في مجتمع لا يزال يستحيي أن يرى شابًا ممسكًا بيد فتاة في الشارع، فكيف بمن يجعل من جسدها وسيلة للاستعراض؟

إن ما نحتاج إليه اليوم، ليس فقط المزيد من المراقبة الأمنية أو الصرامة في تطبيق القانون، بل وقفة مجتمعية صادقة، تزرع في النفوس قيمة الحياة، وقداسة الروح، ومكانة العائلة التي قد تُفجع في لحظة غباء. نحتاج إلى إعلام يُوعي، ومدارس تُربي، وأسر تُتابع، وأصدقاء ينصحون.

فلنحمل رسالة إلى كل سائق دراجة نارية:
“ضع الخوذة، تمهّل، لا تقتل نفسك ولا تَحرم أمًّا من ابنها، أو أبًا من فلذة كبده، أو أختًا من شقيقها. الحياة غالية، والنفس عزيزة، فلا تجعلها رخيصة في لحظة تهوّر”.

رحم الله من فقدناهم، وشفى الله الجرحى، وهدا الله كل من يستهين بأرواح الناس.