متابعة/ماروك24ميديا
الصحافة، تلك المهنة النبيلة التي كانت وما تزال صوت الحق والحقيقة، تمر اليوم بتحديات كبيرة في بعض الأوساط. فعندما تتحول هذه الرسالة السامية إلى وسيلة للابتزاز والضغط على الأفراد والمؤسسات، فإنها تفقد جوهرها وتتحول إلى أداة تهديد تُشوّه سمعة هذه المهنة العريقة.
في بعض المناطق، ومنها جهة فاس، برزت مؤخراً سلوكيات غير مهنية من بعض الصحفيين الذين استغلوا مواقعهم للضغط على أصحاب المقاهي والمطاعم وغيرهم من التجار. هذا السلوك يطرح أسئلة جوهرية حول أخلاقيات المهنة ودور المسؤولين في حماية المجتمع من هذه الممارسات.
الصحافة الحقيقية تُبنى على مبادئ النزاهة والموضوعية، وتسعى إلى نقل الحقيقة بكل أمانة دون تحيز أو استغلال. فالصحفي مسؤول أمام ضميره وأمام المجتمع، ومطالب بأن يكون عين المواطن على الحقائق، لا أن يتحول إلى أداة ابتزاز تهدف لتحقيق مكاسب شخصية.
عندما يستغل بعض الصحفيين سلطتهم الإعلامية لتهديد أصحاب المصالح، سواء بالمساومة أو بكتابة مقالات تسيء إليهم بغير وجه حق، فإنهم بذلك ينحرفون عن جوهر الصحافة. هذا التصرف لا يضر فقط بالضحايا المباشرين، بل يُسيء إلى سمعة الجسم الصحفي ككل، ويُضعف ثقة المجتمع في الإعلام.
لمواجهة هذه السلوكيات، يتوجب على السلطات المعنية، من هيئات قانونية ومجالس صحفية، التدخل بحزم لوضع حد لكل من يستغل مهنته الصحفية لممارسة الابتزاز. يجب تفعيل القوانين التي تجرّم هذه التصرفات، مع التأكيد على ضرورة تعزيز التكوين المستمر للصحفيين لضمان التزامهم بأخلاقيات المهنة.
في المقابل، فإن المجتمع نفسه مطالب بالوعي والتمييز بين الصحفي النزيه الذي ينقل الحقيقة، وبين من يسيء استغلال موقعه. كما يجب على أصحاب المصالح الذين يتعرضون لمثل هذه الضغوطات الإبلاغ عن هذه الممارسات بدل الخضوع لها، فالتستر عليها لا يؤدي إلا إلى تفشي الظاهرة.
الصحافة النزيهة هي عماد المجتمع الحر والعادل، وأي انحراف عن هذه المبادئ يجب أن يُقابل بحزم قانوني وأخلاقي. حماية الصحافة من الدخلاء والانتهازيين ليست مسؤولية السلطات وحدها، بل هي مسؤولية المجتمع ككل، لضمان بقاء هذه المهنة في موقعها الطبيعي كصوت للحقيقة، لا أداة للابتزاز والترهيب.
S.A