متابعة/ماروك24مديا
رغم أن المغرب يتربع على واجهتين بحريتين، البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ويعدّ من بين أبرز الدول المنتجة للأسماك في المنطقة، فإن أسعار هذه المادة الأساسية باتت تفوق القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين. مشهد الأسواق الشعبية يكشف عن فوضى عارمة في التسعير، وغياب شبه تام لشروط السلامة الصحية، ما يطرح تساؤلات حارقة: أين هي المراقبة؟ ومن المسؤول عن هذه الفوضى؟
في جولة بسيطة داخل الأسواق الشعبية، يتفاجأ المستهلك بواقع صادم؛ طاولات خشبية أو بلاستيكية تعلوها أسماك تُعرض في ظروف غير صحية، وسط مياه آسنة ومخلفات متناثرة. لا وجود لمعايير التخزين السليم، ولا يحضر مفهوم سلسلة التبريد التي تضمن بقاء الأسماك في حالة جيدة. مشهد يتكرر يوميًا دون تدخل فعلي من الجهات المعنية.
أكثر من ذلك، تجد بعض هذه الأسماك، رغم شكوك حول جودتها، تُباع بأسعار خيالية. فكيف يعقل أن يدفع المواطن ثمنًا باهظًا مقابل منتوج قد لا يكون صالحًا للاستهلاك؟
رغم أن المغرب بلد بحري بامتياز، فإن أسعار الأسماك تعرف ارتفاعًا غير مبرر. ففي الوقت الذي يفترض أن تكون وفرة الإنتاج عاملاً في استقرار الأسعار، نجد الواقع مغايرًا تمامًا. أسماك السردين، التي تُعدّ الأكثر استهلاكًا بين الطبقات الشعبية، باتت تُباع بأثمان تتجاوز المعقول. أما الأنواع الأخرى مثل “الصول” و”الميرلان” و”القرب” فقد أصبحت من الكماليات التي لا يجرؤ عليها سوى الميسورين.
المثير للسخرية أن هذه الأزمة تأتي في وقت يُصدّر فيه المغرب أطنانًا من الأسماك إلى الأسواق الأوروبية، حيث تُباع بجودة عالية وبأسعار تنافسية، بينما المواطن المغربي يجد نفسه عاجزًا عن اقتناء خيرات بلاده البحرية.
بين أصابع الاتهام الموجهة إلى تجار الجملة والموزعين، تظل المسؤولية الكبرى على عاتق الحكومة، التي يفترض أن تسهر على مراقبة الأسواق وضبط الأسعار. أين هي وزارة الفلاحة والصيد البحري؟ وأين هي أجهزة المراقبة الصحية؟ ولماذا يُترك المستهلك المغربي عرضة لاستغلال بعض التجار الذين يفرضون أسعارًا تتجاوز المعقول؟
لوقف هذا النزيف، يجب اتخاذ إجراءات عاجلة، منها:
تعزيز المراقبة الصحية في الأسواق الشعبية.
فرض شروط صارمة على نقل وتخزين الأسماك.
تنظيم حملات توعية للمواطنين حول كيفية التعرف على الأسماك الطازجة.
تفعيل آليات لضبط الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمستهلك.
إن استمرار هذا الوضع يهدد صحة المواطنين ويكرّس حالة من الاحتقان الاجتماعي. فإلى متى ستظل الأسماك، التي كانت تُعرف سابقًا بـ”غذاء الفقراء”، مجرد حلم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين؟
Soujaa.a